الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله (تعالى): وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ؛ أخرجه المفسرون على جهة الإنكار أن تكون تلك نعمة؛ كأنه قال: " فأية نعمة لك علي في أن عبدت بني إسرائيل؟! " ؛ واللفظ لفظ خبر؛ والمعنى يخرج [ ص: 87 ] على ما قالوا؛ على أن لفظه لفظ الخبر؛ وفيه تبكيت للمخاطب؛ كأنه قال له: " هذه نعمة أن اتخذت بني إسرائيل عبيدا " ؛ على جهة التبكيت لفرعون؛ واللفظ يوجب أن موسى - صلى الله عليه وسلم - قال: " هذه نعمة لأنك اتخذت بني إسرائيل عبيدا ولم تتخذني عبدا " ؛ ويقال: " عبدت الرجل " ؛ و " أعبدته " : اتخذته عبدا؛ وموضع " أن " : رفع؛ على البدل من " نعمة " ؛ كأنه قال: " وتلك نعمة تعبدك بني إسرائيل؛ وتركك إياي غير عبد " ؛ ويجوز أن يكون " أن " ؛ في موضع نصب؛ المعنى: " إنما صارت نعمة علي لأن عبدت بني إسرائيل " ؛ أي: " لو لم تفعل ما فعلت لكفلني أهلي ولم يلقوني في اليم؛ فإنما صارت نعمة بما فعلت من البلاء " ؛ وقال الشاعر - في " أعبدت " : اتخذت عبدا -:


                                                                                                                                                                                                                                        علام يعبدني قومي وقد كثرت ... فيهم أباعر ما شاؤوا وعبدان؟



                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية