الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 57 ] وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون

هذا من آثار فتق الأرض في حد ذاتها ، إذ أخرج الله منها الجبال وذلك فتق تكوين ، وجعل فيها الطرق أي الأرضين السهلة التي يتمكن الإنسان من المشي فيها عكس الجبال .

والرواسي : الجبال ؛ لأنها رست في الأرض ، أي رسخت فيها . والميد : الاضطراب ، وقد تقدم في أول سورة النحل .

وتقدم في أول سورة النحل أن معنى " أن تميد " أن لا تميد ، أو لكراهة أن تميد . والمعنى : وجعلنا في الأرض فجاجا . ولما كان " فجاجا " معناه واسعة كان في المعنى وصفا للسبيل ، فلما قدم على موصوفه انتصب على الحال . والمقصود إتمام المنة بتسخير سطح الأرض ليسلكوا منها طرقا واسعة ، ولو شاء لجعل مسالك ضيقة بين الجبال كأنها الأدوية .

والفجاج : جمع فج ، والفج : الطريق الواسع .

والسبل : جمع سبيل ، وهو الطريق مطلقا .

وجملة لعلهم يهتدون مستأنفة إنشاء رجاء اهتداء المشركين إلى وحدانية الله ، فإن هذه الدلائل مشاهدة لهم واضحة الدلالة . ويجوز أن يراد بالاهتداء في السير ، أي جعلنا سبلا واضحة غير محجوبة بالضيق إرادة اهتدائهم في سيرهم ، فتكون هذه منة أخرى وهو تدبير الله الأشياء على نحو ما يلائم الإنسان ويصلح أحواله .

فقوله تعالى : " لعلهم يهتدون " من الكلام الموجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية