الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1126 [ ص: 150 ] ( 7 ) باب نكاح المحلل وما أشبهه

                                                                                                                        1078 - مالك ، عن المسور بن رفاعة القرظي ، عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير ; أن رفاعة بن سموال طلق امرأته ، تميمة بنت وهب في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا . فنكحت عبد الرحمن بن الزبير . فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها . ففارقها . فأراد رفاعة أن ينكحها . وهو زوجها الأول الذي كان طلقها . فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنهاه عن تزويجها . وقال " لا تحل لك حتى تذوق العسيلة " .

                                                                                                                        1079 - مالك عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها سئلت عن رجل طلق امرأته البتة فتزوجها بعده رجل آخر . فطلقها قبل أن يمسها . هل يصلح لزوجها الأول أن يتزوجها ؟ فقالت عائشة : لا حتى يذوق عسيلتها .

                                                                                                                        [ ص: 151 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 151 ] 23810 - قال أبو عمر : حديث المسور بن رفاعة في رواية يحيى ، وجمهور رواة " الموطأ " مرسل .

                                                                                                                        23811 - ورواه ابن وهب ، عن مالك ، عن المسور ، عن الزبير بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، فوصله وأسنده ، وتابعه على ذلك عن مالك إبراهيم بن طهمان ، وهو مسند متصل عن النبي - عليه السلام - من وجوه ، قد ذكرتها في " التمهيد " .

                                                                                                                        23812 - وحديث يحيى بن سعيد ، عن القاسم ، عن عائشة ، موقوفا ، قد رفعه جماعة عن عائشة ، منهم : عروة ، وسليمان بن يسار ، وقد ذكرناهما في " التمهيد " .

                                                                                                                        23813 - ومن أحسنها ما حدثني سعيد ، وعبد الوارث ، قالا : حدثني قاسم ، قال : حدثني محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني الحميدي ، قال : حدثني سفيان بن عيينة ، قال : حدثني الزهري ، قال : أخبرني عروة عن عائشة ، سمعها تقول : جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إني كنت عند رفاعة ، فطلقني ، فبت طلاقي ، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير ، وإنما معه مثل هدبة الثوب ، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : [ أوتريدي ] أن ترجعي إلى رفاعة ؟ [ ص: 152 ] لا حتى تذوقي عسيلته ، ويذوق عسيلتك . قالت : وأبو بكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وخالد بن سعيد بالباب فنادى فقال : يا أبا بكر ألا تسمع إلى ما تجهر به هذه عند رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                        23814 - قال أبو عمر : حديث عروة ، عن عائشة ، عن النبي - عليه السلام - في هذا الباب من رواية هشام بن عروة ، ورواية ابن شهاب - حديث ثابت ، إلا [ ص: 153 ] أنه سقط منه ذكر طلاق عبد الرحمن بن الزبير لامرأته تميمة المذكورة ، فتعلق به قوم شذوا عن سبيل السلف والخلف من العلماء في تأجيل العنين ، فأبطلوه ، منهم : ابن علية ، وداود ، وقالوا : قد شكت تميمة بنت وهب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن زوجها عبد الرحمن بن الزبير ليس معه إلا مثل هدبة الثوب ، فلم يؤجله ، ولا حال بينها وبينه .

                                                                                                                        23815 - قالوا : وهو مرض من الأمراض ، لا قيام للمرأة به ، فخالفوا جماعة الفقهاء والصحابة برأي متوهم ، وتركوا النظر المؤدي إلى المعرفة بأن البغية من النكاح الوطء وابتغاء النسل ، وأن حكمها في ذلك كحكمه لو وجدها رتقاء ، ولم يقفوا على ما في حديث مالك هذا وغيره بأن المرأة لم تذكر قصة زوجها عبد الرحمن بن الزبير إلا بعد طلاقه ، وبعد فراقه لها ، فأي تأجيل يكون هاهنا .

                                                                                                                        23816 - وفي حديث مالك : فلم يستطع أن يمسها ففارقها .

                                                                                                                        23817 - وقد ذكرنا في " التمهيد " من حديث شعبة ، عن يحيى بن إسحاق ، عن سليمان بن يسار ، عن عائشة مرفوعا مثل معنى حديث مالك ، وإذا صح طلاق عبد الرحمن لزوجه هذه بطلت النكتة التي بها نزع من أبطل تأجيل العنين من هذا الحديث .

                                                                                                                        [ ص: 154 ] 23817 م - وقد قضى بتأجيل العنين : عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، والمغيرة بن شعبة ، وسيأتي ذكر هذه المسألة في بابها من كتاب الطلاق ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                        23818 - والزبير بن عبد الرحمن بن الزبير بالفتح ، كذلك رواه يحيى ، وجمهور الرواية للموطأ بالفتح فيهما .

                                                                                                                        23819 - وقد قيل عن ابن بكير : الأول منهما بالضم . وليس بشيء ، وهم زبيريون من ولد الزبير بن باطا اليهودي القرظي ، قتل يوم قريظة ، وله قصة عجيبة محفوظة مذكورة في " السير " .




                                                                                                                        الخدمات العلمية