الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [85] فأتبع سببا [86] حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا .

                                                                                                                                                                                                                                      فأتبع سببا قرئ بقطع الهمزة وسكون التاء. وقرئ بهمزة الوصل وتشديد التاء. فقيل هما بمعنى ويتعديان لمفعول واحد. وقيل: (أتبع) بالقطع يتعدى لاثنين. والتقدير: فأتبع سببا سببا آخر. أو فأتبع أمره سببا كقوله: وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 4100 ] وقال أبو عبيدة: (اتبع) بالوصل في السير (وأتبع) بالقطع معناه اللحاق كقوله: فأتبعه شهاب ثاقب وقال يونس : (أتبع) بالقطع للجد الحثيث في الطلب وبالوصل مجرد الانتقال. والفاء في قوله: فأتبع فاء الفصيحة. أي: فأراد بلوغ المغرب فأتبع سببا يوصله، لقوله: حتى إذا بلغ مغرب الشمس أي: أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب، وهو مغرب الأرض: وجدها تغرب في عين حمئة أي: ذات حمأة وهو الطين الأسود، وقرئ (حامية) أي: حارة. وقد تكون جامعة للوصفين و(وجد) يكون بمعنى رأى لما ذكره الراغب: ووجد عندها قوما أي: أمة. ثم أشار تعالى إلى أنه مكنه منهم، وأظهره بهم، وحكمه فيهم وجعل له الخيرة في شأنهم، بقوله: قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب أي: بالقتل وغيره: وإما أن تتخذ فيهم حسنا بالعفو.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية