الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي في هذه السنة - أعني سنة ثلاث وثمانين - من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 598 ] الشيخ عبد المغيث بن زهير الحربي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان من صلحاء الحنابلة ، وكان يزار ، وله مصنف في فضل يزيد بن معاوية ، أتى فيه بغرائب وعجائب ، وقد رد عليه أبو الفرج بن الجوزي في هذا الكتاب ، فأجاد وأصاب ، ومن أحسن ما اتفق لعبد المغيث هذا أن بعض الخلفاء - وأظنه الناصر - جاءه للزيارة مختفيا ، فعرفه الشيخ ، ولم يعلمه أنه قد عرفه ، فسأله الخليفة عن يزيد أيلعن أم لا ؟ فقال : لا أسوغ لعنه ; لأني لو فتحت هذا الباب للعن الناس خليفتنا . قال : ولم ؟ قال : لأنه يفعل أشياء منكرة كثيرة ، منها كذا وكذا . ثم شرع يعدد على الخليفة ، ما يقع منه من المنكرات لينزجر عنها ، فتركه الخليفة ، وخرج من عنده وقد أثر كلامه له فيه ، ثم كانت وفاته في المحرم من هذه السنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي الشيخ علي بن خطاب بن ظفر العابد الناسك ، أحد الزهاد وذوي الكرامات ، وكان مقامه بجزيرة ابن عمر . قال ابن الأثير في " الكامل " ولم أر مثله في حسن خلقه وسمته وكرمه وعبادته ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير شمس الدين محمد بن عبد الملك بن مقدم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحد نواب الملك الناصر صلاح الدين ، لما افتتح الناصر بيت المقدس أحرم جماعة في زمن الحج منه إلى المسجد الحرام ، فكان أمير الحاج تلك السنة ، فلما كان بعرفة ضرب الدبادب [ ص: 599 ] ونشر الألوية ، وأظهر عز السلطان صلاح الدين ، فغضب طاشتكين أمير الحاج من جهة الخليفة ، فزجره عن ذلك فلم يسمع ، فاقتتلا فجرح ابن مقدم ، ومات في اليوم الثاني بمنى ، رحمه الله ، ودفن هنالك ، وجرت خطوب كثيرة ، وليم طاشتكين على ما فعل ، وعزل عن منصبه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن عبيد الله

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بن عبد الله سبط ابن التعاويذي الشاعر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ،
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أضر في آخر عمره وقد جاوز الستين سنة ، وكانت وفاته - رحمه الله - في شوال من هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نصر بن فتيان بن مطر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي خامس رمضان توفي الفقيه أبو الفتح نصر بن فتيان بن مطر الحنبلي المعروف بابن المني ، وكان زاهدا عابدا ، مولده سنة إحدى وخمسمائة ، وممن تفقه عليه من المشاهير الشيخ موفق الدين بن قدامة ، والحافظ عبد الغني ، ومحمد بن خلف بن راجح ، والناصح عبد الرحمن بن النجم بن عبد الوهاب الحنبلي ، وعبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر وغيرهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو الحسن الدامغاني

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي قاضي القضاة ببغداد أبو الحسن بن الدامغاني وقد حكم في أيام المقتفي ثم المستنجد ، ثم عزل وأعيد في أيام المستضيء ، وحكم للناصر حتى توفي في هذه السنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية