الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 443 ] ويجتنب المحرم ما نهى الله تعالى عنه مما فسر به الرفث والفسوق [ وهو ] السباب وقيل : المعاصي . والجدال : المراء ، روي عن جماعة منهم ابن عمر وعطاء وإبراهيم . قال ابن عباس : هو أن تماري صاحبك حتى تغضبه ، قال الشيخ : المحرم ممنوع من ذلك كله .

                                                                                                          وقال في الفصول : يجب اجتناب الجدال وهو الممارة فيما لا يعني .

                                                                                                          وفي المستوعب : يحرم عليه الفسوق وهو السباب ، والجدال وهو المماراة فيما لا يعني .

                                                                                                          وفي الرعاية : يكره له كل جدال ومراء فيما لا يعنيه ، وكل سباب ، وقيل : يحرم كما يحرم على المحل ، وأولى ، كذا قال ، وفي تفسير ابن الجوزي وغيره عن

                                                                                                          [ ص: 444 ] أكثر المفسرين في قوله تعالى { ولا جدال في الحج } لا تمارين أحدا فيخرجه المراء إلى المماراة وفعل ما لا يليق في الحج ، وعن جماعة : لا شك في الحج ولا مراء ، فإنه قد عرف وقته . وفيه [ في قوله ] { وجادلهم بالتي هي أحسن } قيل : بالقرآن والتوحيد ، وقيل : غير فظ ولا غليظ ، وقيل : إنه منسوخ بآية السيف ، وهذا ضعيف ، وفيه في قوله { فلا ينازعنك في الأمر } أي في الذبائح ، والمعنى : فلا تنازعهم ، وهذا جائز في فعل لا يكون إلا من اثنين . فإذا قلت لا يجادلنك فلان ، فهو بمنزلة لا تجادلنه ، ولهذا قال { وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون } قال : وهذا أدب حسن ، علمه الله تعالى عباده ليردوا به من جادل على سبيل التعنت ولا يجيبوه ولا يناظروه . وفي الروضة وغيرها : يستحب أن يتوقى الكلام فيما لا ينفع ، والجدال والمراء واللغو وغير ذلك مما لا حاجة به إليه . وبسط هذا في الآداب الشرعية وكتاب أصول الفقه آخر القياس ، ولأحمد عن عبد الله بن نمير عن حجاج بن دينار عن أبي غالب عن أبي أمامة مرفوعا { ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم قرأ { ما ضربوه لك إلا جدلا } } أبو غالب مختلف فيه ، قال ابن معين : صالح الحديث ، ووثقه الدارقطني وقال ابن عدي : لا بأس به .

                                                                                                          وقال ابن سعيد : منكر الحديث .

                                                                                                          وقال أبو حاتم : ليس بقوي ، وضعفه النسائي ، وبالغ ابن الجوزي فقال : لا يلتفت إلى روايته ورواه [ ص: 445 ] ابن ماجه من حديث حجاج . وكذا الترمذي . وقال : حسن صحيح .

                                                                                                          وعن أبي هريرة مرفوعا { جدال في القرآن كفر } إسناده جيد ، رواه أحمد ، وعن مكحول عن أبي هريرة ولم يسمع منه مرفوعا { لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاحة ، ويترك المراء وإن كان صادقا } .

                                                                                                          وعن أبي أمامة مرفوعا { أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ، وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه } حديث حسن رواه أبو داود .

                                                                                                          ويستحب قلة الكلام إلا فيما ينفع ، وفي الرعاية : يكره له كثرته بلا نفع ، وعن أبي هريرة مرفوعا { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت } متفق عليه ، وعنه مرفوعا { من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه } حديث حسن ، رواه الترمذي وغيره ، ولأحمد من حديث الحسين بن علي مثله ، وله أيضا في لفظ { قلة الكلام إلا فيما يعنيه }

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية