الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 315 ] باب العشر والخراج .

                                                                                                        قال : ( أرض العرب كلها أرض عشر وهي ما بين العذيب إلى أقصى حجر باليمن بمهرة إلى حد الشام . والسواد أرض خراج وهو ما بين العذيب إلى عقبة حلوان ، ومن الثعلبية ويقال من العلث إلى عبادان ) لأن { النبي عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم لم يأخذوا الخراج من أراضي العرب }ولأنه بمنزلة الفيء فلا يثبت في أراضيهم كما لا يثبت في رقابهم ، وهذا لأن وضع الخراج من شرطه أن يقر أهلها على الكفر كما في سواد العراق ، ومشركو العرب لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف ، وعمر رضي الله عنه حين فتح السواد وضع الخراج عليها بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ، ووضع على مصر حين افتتحها عمرو بن العاص ، وكذا اجتمعت الصحابة رضي الله عنهم على وضع الخراج على الشام .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        ( أرض العرب كلها أرض عشر ) [ ص: 315 ] باب العشر والخراج

                                                                                                        الحديث الأول : روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين لم يأخذوا الخراج من أراضي العرب }; قلت : قوله : وعمر رضي الله عنه حين فتح السواد ، وضع الخراج عليها بمحضر من الصحابة ، ووضع على مصر حين افتتحها عمرو بن العاص ، وكذا اجتمعت الصحابة على وضع الخراج على الشام ; قلت : روى أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الأموال " حدثنا هشيم بن بشير أنبأ العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي ، قال : لما افتتح المسلمون السواد ، قالوا لعمر : اقسمه بيننا ، فإنا فتحناه عنوة ، قال : فأبى ، وقال : ما لمن جاء بعدكم من المسلمين ؟ قال : فأقر أهل السواد في أرضهم ، وضرب على رءوسهم الجزية ، وعلى أراضيهم الخراج انتهى .

                                                                                                        وروى عبد الرزاق في " مصنفه في كتاب أهل الكتاب " أخبرنا معمر عن قتادة عن أبي مجلز أن عمر بن الخطاب بعث عمار بن ياسر ، وعبد الله بن مسعود ، وعثمان بن حنيف إلى الكوفة ، فجعل عمارا على الصلاة ، والقتال ، وجعل ابن مسعود على القضاء ، وعلى بيت المال ، وجعل عثمان بن حنيف على [ ص: 316 ] مساحة الأرض ، وجعل لهم كل يوم شاة ، ثم قال : ما أرى قرية يؤخذ منها كل يوم شاة إلا سيسرع فيها ، ثم قال لهم : إني أنزلتكم في هذا المال ، ونفسي كوالي اليتيم ، من كان غنيا فليستعفف ، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ، قال : فمسح عثمان سواد الكوفة من أهل الذمة ، فجعل على جريب النخل عشرة دراهم ، وعلى جريب العنب ثمانية دراهم ، وعلى جريب القضب ستة دراهم ، وعلى الجريب من البر أربعة دراهم ، وعلى الجريب من الشعير درهمين وجعل على رأس كل رجل منهم أربعة وعشرين درهما ، كل عام ، ولم يضرب على النساء والصبيان ، وأخذ من تجارهم من كل عشرين درهما درهما ; فرفع ذلك إلى عمر فرضي به انتهى .

                                                                                                        وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه في أواخر الزكاة " حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي ، قال : وضع عمر على أهل السواد على كل جريب أرض يبلغه الماء ، عامر ، أو غامر درهما ، وقفيزا من طعام ، وعلى البساتين : على كل جريب عشرة دراهم ، وعشرة أقفزة من طعام ، وعلى الرطاب : على كل جريب أرض خمسة دراهم ، وخمسة أقفزة من طعام ، وعلى كل جريب أرض عشرة دراهم ، وعشرة أقفزة ، ولم يضع على النخل شيئا ، جعله تبعا للأرض انتهى .

                                                                                                        حدثنا أبو أسامة عن قتادة عن أبي مجلز ، قال : بعث عمر عثمان بن حنيف على مساحة الأرض ، قال : فوضع عثمان على الجريب من الكرم عشرة دراهم ، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم ، وعلى جريب القضب ستة دراهم يعني الرطبة وعلى جريب البر أربعة دراهم ، وعلى جريب الشعير درهمين انتهى .

                                                                                                        وأما وضع الخراج على أرض مصر ، فروى ابن سعد في " الطبقات في ترجمة عمرو بن العاص " أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس القتباني ، قال الواقدي : وحدثني من سمع صالح بن كيسان يخبر عن يعقوب بن عتبة عن مشيخة من أهل مصر أن عمرو بن العاص افتتح مصر عنوة ، واستباح ما فيها ، وعزل منه مغانم المسلمين ، ثم صالح بعد على وضع الجزية في رقابهم ، ووضع الخراج على أرضهم ، [ ص: 317 ] ثم كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك ، مختصر . أخبرنا الواقدي حدثني عبد الله بن نافع عن عمرو بن الحارث ، قال : كان عمرو بن العاص يبعث بجزية أهل مصر وخراجها إلى عمر بن الخطاب ، كل سنة بعد حبس ما يحتاج إليه ، ولقد استبطأه عمر في الخراج سنة ، فكتب إليه ، بكتاب يلومه ، ويشدد عليه ، مختصر . وأما وضع الخراج على أرض الشام فمعروف .




                                                                                                        الخدمات العلمية