الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                السابع عشر : في الحسن والقبح . حسن الشيء وقبحه يراد بهما ما لاءم الطبع أو نافره نحو إنقاذ الغرقى ، واتهام الأبرياء ، أو كونه صفة كمال أو نقص ، نحو العلم حسن ، والجهل قبيح ، أو كونه موجبا للمدح أو الذم الشرعيين ، والأولان عقليان إجماعا ، والثالث شرعي عندنا لا يعلم ، ولا يثبت إلا بالشرع ، فالقبيح ما نهى الله تعالى عنه ، والحسن ما لم ينه سبحانه عنه ، وعند المعتزلة هو عقلي لا يفتقر إلى ورود الشرائع بل العقل اقتضى ثبوته قبل الرسل ، وإنما الشرائع مؤكدة لحكم العقل فيما علمه ضرورة كالعلم بحسن الصدق النافع ، وقبح الكذب الضار ، أو نظرا كحسن الصدق الضار ، وقبح الكذب النافع ، أو مظهرة لما لم يعلمه العقل ضرورة ، ولا نظرا كوجوب آخر يوم من رمضان ، وتحريم أول يوم من شوال ، وعندنا [ ص: 72 ] الشرع الوارد منشئ للجميع ، فعلى رأينا لا يثبت حكم قبل الشرع خلافا للمعتزلة في قولهم إن كل ما يثبت بعد الشرع فهو ثابت قبله ، وخلافا للأبهري من أصحابنا القائل بالحظر مطلقا ، ولأبي الفرج القائل بالإباحة مطلقا ، وكذلك قال بقولهما جماعة من المعتزلة فيما لم يطلع العقل على حاله كآخر يوم من رمضان .

                                                                                                                [ لنا قوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) . نفي التعذيب قبل البعثة ، فينتفي ملزومه ، وهو الحكم ، فإن قيل بأنا نعلم بالضرورة حسن الإحسان ، وقبح الإساءة قلنا : محل الضرورة مورد الطباع ، وليس محل النزاع ] .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية