الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ما جاء في طلاق ألبتة وجمع الثلاث واختيار تفريقها 2849 - ( عن ركانة بن عبد الله : { أنه طلق امرأته سهيمة ألبتة ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال : والله ما أردت إلا واحدة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله ما أردت إلا واحدة ؟ قال ركانة : والله ما أردت إلا واحدة ، فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطلقها الثانية في زمان عمر بن الخطاب ، والثالثة في زمن عثمان } . رواه الشافعي وأبو داود والدارقطني ، وقال : قال أبو داود : هذا حديث حسن صحيح ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا الترمذي وصححه أيضا ابن حبان والحاكم . قال الترمذي : لا يعرف إلا من هذا الوجه ، وسألت محمدا عنه ، يعني البخاري فقال : فيه اضطراب ، انتهى .

                                                                                                                                            وفي إسناده الزبير بن سعيد الهاشمي وقد ضعفه غير واحد ، وقيل : إنه متروك . وذكر الترمذي عن البخاري أنه يضطرب فيه ، تارة يقال فيه : ثلاثة ، وتارة قيل : واحدة ، وأصحها أنه طلقها ألبتة ، وأن الثلاث ذكرت فيه على المعنى . قال ابن كثير : لكن قد رواه أبو داود من وجه آخر . وله طرق أخر فهو حسن إن شاء الله . وقال ابن عبد البر في التمهيد : تكلموا في هذا الحديث ، انتهى . وهو مع ضعفه مضطرب ومعارض ; أما الاضطراب فكما تقدم . وقد أخرج أحمد أنه طلق ركانة امرأته في مجلس واحد ثلاثا فحزن عليها .

                                                                                                                                            وروى ابن إسحاق عن ركانة أنه قال : { يا رسول الله إني طلقتها ثلاثا ، قال : قد علمت ، أرجعها ، ثم تلا { إذا طلقتم النساء } الآية } أخرجه أبو داود . وأما معارضته فيما روى ابن عباس أن طلاق الثلاث كان واحدة وسيأتي وهو أصح إسنادا وأوضح متنا .

                                                                                                                                            وروى النسائي عن محمود بن لبيد قال : { أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ، حتى قام رجل فقال : يا رسول الله ألا أقتله ؟ } قال ابن كثير : إسناده جيد . وقال الحافظ في بلوغ المرام : رواته موثقون .

                                                                                                                                            وفي الباب عن ابن عباس قال : { طلق أبو ركانة أم ركانة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : راجع امرأتك ، فقال : إني طلقتها ثلاثا ، قال : قد علمت ، راجعها } أخرجه أبو داود ورواه أحمد والحاكم وهو معلول بابن إسحاق فإنه في سنده . والحديث يدل على أن من طلق بلفظ ألبتة وأراد واحدة كانت واحدة ، وإن أراد ثلاثا كانت ثلاثا

                                                                                                                                            ورواية ابن عباس التي ذكرناها ، أنه - أعني ركانة - طلقها ثلاثا ، [ ص: 270 ] فأمره صلى الله عليه وسلم بمراجعتها ، يدل على أن من طلق ثلاثا دفعة كانت في حكم الواحدة . وسيأتي الخلاف في ذلك وبيان ما هو الحق . قوله : ( فقال صلى الله عليه وسلم : والله ما أردت إلا واحدة . . . إلخ ) فيه دليل على أنه لا يقبل قول من طلق زوجته بلفظ ألبتة ثم زعم أنه أراد واحدة إلا بيمين ، ومثل هذا كل دعوى يدعيها الزوج راجعة إلى الطلاق إذا كان له فيها نفع .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية