الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 4563 ] فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا انطلقا سائرين على سيف البحر؛ ولكن حدث ما أثار استغراب موسى؛ بل استنكاره؛ حتى إذا لقيا غلاما فقتله أي أن السير استمر إلى غاية؛ وهو لقاء غلام؛ والفاء في قوله (تعالى): "فقتله "؛ للتعقيب؛ أي أنه قتله فور لقائه؛ وهذا يدل على أنه لم يرتكب ما يسوغ القتل; إذ إن القتل كان فور اللقاء؛ وهذا يتخالف مع علم الحلال؛ والحرام؛ وعلم الحقيقة الغيبية؛ فيكون الاستغراب؛ ويقول موسى الكليم - مستغربا؛ لائما -: أقتلت نفسا زكية أي: طاهرة؛ غير معتدية؛ نامية؛ لأنها في باكورة حياتها - إذ "التزكية ": التنمية -؛ بغير مسوغ يسوغ لك هذا الفعل; ولذا قال: "بغير نفس "؛ أي: حتى يكون القتل قصاصا؛ لا اعتداء فيه؛ لقد جئت شيئا نكرا أي: أمرا منكرا في ذاته؛ تستنكره العقول؛ ويخالف كل معقول.

                                                          وقد كان الفعل شديدا؛ والاستنكار شديدا؛ وهو أيضا من التخالف بين علم الحلال؛ والحرام؛ وعلم الحقيقة الغيبية؛ وقد وصفه كما ذكرنا بأنه شيء نكر؛ تنكره العقول؛ وكل عرف إنساني؛ وقد كان اللوم على الاستغراب أشد.

                                                          ولقد قال (تعالى) - في بقية القصة الصادقة -:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية