الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 4 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى : ( وإن nindex.php?page=treesubj&link=1590سبقه الحدث ففيه قولان .
قال في الجديد : تبطل صلاته لأنه حدث يبطل الطهارة فأبطل صلاته كحدث العمد ، وقال في القديم : لا تبطل صلاته ، بل ينصرف ويتوضأ ويبني على صلاته ; لما روت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10321إذا قاء أحدكم في صلاته أو قلس فلينصرف وليتوضأ وليبن على ما مضى ما لم يتكلم } ، ولأنه حدث بغير اختياره فأشبه سلس البول ، فإن أخرج على هذا [ القول ] بقية الحدث .
لم تبطل صلاته ; لأن حكم البقية حكم الأول ، فإذا لم تبطل بالأول لم تبطل بالبقية ، ولأن به حاجة إلى إخراج البقية لتكمل طهارته )
( الشرح ) : حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ضعيف متفق على ضعفه ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بإسناد ضعيف من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وقد اختلف أهل الحديث في الاحتجاج nindex.php?page=showalam&ids=12434بإسماعيل بن عياش ، فمنهم من ضعفه في كل ما يرويه ومنهم من ضعفه في روايته عن غير أهل الشام خاصة ، nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج حجازي مكي مشهور فيحصل الاتفاق على ضعف روايته لهذا الحديث ، قال : ورواه جماعة عن nindex.php?page=showalam&ids=11948ابن عياش عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، قال : وهذا الحديث أحد ما أنكر على nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش ، والمحفوظ أنه مرسل .
وأما من رووه متصلا فضعفاء مشهورون بالضعف ، وأما قول إمام الحرمين في النهاية والغزالي في البسيط : إنه مروي في الكتب الصحاح فغلط ظاهر فلا يغتر به وقوله " قلس " هو بفتح القاف واللام وبالسين المهملة ، يقال قلس يقلس بكسر اللام ، أي تقايأ ، والقلس بإسكان اللام القيء ، وقيل : هو ما خرج من الجوف ولم يملأ الفم ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل بن أحمد ، فعلى هذا يكون قوله في الحديث أو قلس للتقسيم وعلى الأول تكون للشك من الراوي .
وقوله : ( لأنه حدث يبطل الطهارة ) احتراز من حدث المستحاضة ، وفي هذا تصريح ببطلان الطهارة قطعا ، وإنما الخلاف في بطلان الصلاة .
( وأما حكم المسألة ) فإن nindex.php?page=treesubj&link=1590أحدث المصلي في صلاته باختياره بطلت صلاته بالإجماع سواء كان حدثه عمدا أو سهوا ، سواء علم أنه في صلاة أم لا ، [ ص: 5 ] وإن أحدث بغير اختياره بأن سبقه الحدث بطلت طهارته بلا خلاف ، وفي صلاته قولان مشهوران الصحيح الجديد أنها تبطل ، والقديم لا تبطل ، وقد ذكر المصنف دليلهما ، فعلى القديم لا تبطل سواء كان حدثا أصغر أو أكبر ، بل ينصرف فيتطهر ويبني على صلاته ، فإن كان حدثه في الركوع مثلا ، قال الصيدلاني : يجب أن يعود إلى الركوع .
وقال إمام الحرمين إن لم يكن اطمأن وجب العود إلى الركوع وإن كان اطمأن ففيه احتمال ، قال : والظاهر أنه لا يعود ، وجزم الغزالي بما قاله الإمام ، والأصح قول الصيدلاني ; لأن الرفع إلى الاعتدال من الركوع مقصود .
ولهذا قال الأصحاب : يشترط أن لا يقصد صرفه عن ذلك ، وهذا الرفع حصل في حال الحدث فلم يعتد به ، فيجب أن يعود إلى الركوع ، وإن كان اطمأن .
قال أصحابنا : ثم إذا ذهب ليتطهر ويبني لزمه أن يسعى في تقريب الزمان وتقليل الأفعال بحسب الإمكان ، وليس له أن يعود بعد طهارته إلى الموضع الذي كان فيه إن قدر على الصلاة في أقرب منه إلا أن يكون إماما لم يستخلف أو مأموما يقصد فضيلة الجماعة فلهما العود ، وكل ما لا يستغنى عنه من الذهاب إلى الماء واستقائه ونحوه فلا بأس به ، ولا يشترط فيه العدو والبدار الخارج عن العادة ونقل الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد عن نصه في القديم أنه يشترط في البناء أن لا يطول الفصل ولم يذكر فيه خلافا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم وأصحابنا : ويشترط أن لا يتكلم إلا إذا احتاج إليه في تحصيل الماء فيجوز ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=1590أخرج بقية الحدث الأول متعمدا لم يمنع البناء على الصحيح المنصوص في القديم ، وبه قطع المصنف والجمهور وقال إمام الحرمين والغزالي : يمنع ، والمذهب الأول ، واختلفوا في علته على وجهين ذكرهما المصنف والأصحاب ( أصحهما ) : أن طهارته بطلت ولا أثر للحدث بعد ذلك ( والثاني ) : أنه يحتاج إلى إخراج البقية لئلا يسبقه مرة أخرى ، فلو nindex.php?page=treesubj&link=1590أحدث حدثا آخر ففي منعه البناء وجهان بناء على العلتين إن قلنا بالأول جاز البناء وإلا فلا ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=23458رعف المصلي أو قاء أو غلبته نجاسة أخرى جاز له على القديم أن يخرج ويغسل نجاسته ويبني على صلاته بالشروط السابقة في الحديث ، نص عليه في القديم ، هذا كله تفريع القديم الضعيف ، والله أعلم .
[ ص: 6 ] فرع ) في nindex.php?page=treesubj&link=1590_25356مذاهب العلماء في جواز البناء لمن سبقه الحدث قد ذكرنا أن مذهبنا الصحيح الجديد : أنه لا يجوز البناء بل يجب الاستئناف ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=83المسور بن مخرمة الصحابي رضي الله عنه .
وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك وآخرون ، وحكاه صاحب الشامل عن nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة وهو الصحيح من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16330وابن أبي ليلى والأوزاعي : يبني على صلاته .
وحكاه ابن الصباغ وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر رضي الله تعالى عنهم ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=23وسلمان الفارسي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبي سلمة بن عبد الرحمن nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=11811وأبي إدريس الخولاني nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار وغيرهم رضي الله تعالى عنهم ، وقد ذكر المصنف مختصر دليل المذهبين ، والحديث ضعيف ، والصحابة رضي الله تعالى عنهم مختلفون في المسألة فيصار للقياس ، والله أعلم .