الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2606 ) الفصل الثالث ، في وقت وجوب الهدي ، ووقت ذبحه . أما وقت وجوبه ، فعن أحمد أنه يجب إذا أحرم بالحج . وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ; لأن الله تعالى قال : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج . فما استيسر من الهدي } .

                                                                                                                                            وهذا قد فعل ذلك . ولأن ما جعل غاية ، فوجود أوله كاف ، كقوله تعالى : { ثم أتموا الصيام إلى الليل } . ولأنه متمتع أحرم بالحج من دون الميقات ، فلزمه الدم ، كما لو وقف أو تحلل . وعنه أنه يجب إذا وقف بعرفة . وهو قول مالك ، واختيار القاضي ; لأن التمتع بالعمرة في الحج إنما يحصل بعد وجود الحج منه ، ولا يحصل ذلك إلا بالوقوف ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الحج عرفة } . ولأنه قبل ذلك يعرض الفوات ، فلا يحصل التمتع ، ولأنه لو أحرم بالحج ، ثم أحصر ، أو فاته الحج فلم يلزمه دم المتعة ، ولا كان متمتعا ، ولو وجب الدم لما سقط .

                                                                                                                                            وقال عطاء : يجب إذا رمى الجمرة . ونحوه قول أبي الخطاب ، قال : يجب إذا طلع الفجر يوم النحر ; لأنه وقت ذبحه ، فكان وقت وجوبه . فأما وقت إخراجه فيوم النحر . وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ; لأن ما قبل يوم النحر لا يجوز فيه ذبح الأضحية ، فلا يجوز فيه ذبح هدي التمتع ، كقبل التحلل من العمرة .

                                                                                                                                            وقال أبو طالب : سمعت أحمد ، قال في الرجل يدخل مكة في شوال ومعه هدي . قال : ينحر بمكة ، وإن قدم قبل العشر نحره ، لا يضيع أو يموت أو يسرق . وكذلك قال عطاء .

                                                                                                                                            وإن قدم في العشر ، لم ينحره حتى ينحره بمنى ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا في العشر ، فلم ينحروا حتى نحروا بمنى . ومن جاء قبل ذلك نحره عن عمرته ، وأقام على إحرامه ، وكان قارنا .

                                                                                                                                            وقال الشافعي : يجوز نحره بعد الإحرام بالحج . قولا واحدا ، وفيما قبل ذلك ، بعد حله من العمرة ، احتمالان ; ووجه جوازه أنه دم يتعلق بالإحرام ، وينوب عنه الصيام ، فجاز قبل يوم النحر ، كدم الطيب واللباس ، ولأنه يجوز إبداله قبل يوم النحر ، فجاز أداؤه قبله ، كسائر الفديات .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية