الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  حديث ثعلبة بن حاطب

                                                                  20 - حدثنا أبو يزيد يوسف بن يزيد القراطيسي ، ثنا أسد بن موسى ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا معان بن رفاعة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري ، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يرزقني مالا ، قال : " ويحك يا ثعلبة ، قليل تؤدي شكره خير لك من كثير لا تطيقه " ، ثم رجع إليه فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يرزقني مالا ، فقال : " ويحك يا ثعلبة ، أتريد أن تكون مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ والله لو سألت الله أن يجعل لي الجبال ذهبا لسألت " ثم رجع إليه فقال : يا رسول [ ص: 226 ] الله ، ادع الله أن يرزقني مالا ، لئن آتاني مالا لأوتين كل ذي حق حقه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم ارزق ثعلبة مالا ، اللهم ارزق ثعلبة مالا " قال : فاتخذ مالا فنمت كما ينمو الدود حتى ضاقت عنه أزقة المدينة فتنحى بها ، وكان يشهد الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يخرج إليها ، ثم نمت حتى تعذرت عليه مراعي المدينة فتنحى بها ، فكان يشهد الجمعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يخرج إليها ، ثم نمت فتنحى بها فترك الجمعة والجماعات ، فيتلقى الركبان فيقول : ماذا عندكم من الخبر ؟ وما كان من أمر الناس ؟ وأنزل الله - عز وجل - على رسوله خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها .

                                                                  قال : واستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصدقات رجلين : رجل من الأنصار ، ورجل من بني سلمة ، وكتب لهما سنة الصدقات وأسنانها ، وأمرهما أن يصدقا الناس ، وأن يمرا بثعلبة فيأخذا منه صدقة ماله ، ففعلا ، حتى ذهبا إلى ثعلبة فأقرأاه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : صدقا الناس فإذا فرغتما فمرا بي ، ففعلا ، فقال : والله ما هذه إلا أخية الجزية ، فانطلقا حتى لحقا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله - جل ثناؤه - ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن إلى قوله : يكذبون ، فركب رجل من الأنصار قريب لثعلبة راحلته حتى أتى ثعلبة ، فقال : ويحك يا ثعلبة هلكت ، أنزل الله فيك من القرآن كذا وكذا ، فأقبل ثعلبة وقد وضع التراب على رأسه وهو يبكي ويقول : يا رسول الله ، يا رسول الله ، فلم يقبل منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقته حتى قبض الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم أتى أبا بكر - رضي الله عنه - بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : [ ص: 227 ] يا أبا بكر قد عرفت موقعي من قومي ومكاني من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقبل مني فأبى أن يقبله ، ثم أتى عمر - رضي الله عنه - فأبى أن يقبل منه ، ثم أتى عثمان - رضي الله عنه - فأبى أن يقبل منه ، ثم مات ثعلبة في خلافة عثمان رضي الله عنه
                                                                  " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية