nindex.php?page=treesubj&link=30437_30525_30539_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=10وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة وأحكامها المشروحة فيه من البعث والحساب والجزاء من الثواب والعقاب الروحانيين والجسمانيين، وتخصيص الآخرة بالذكر من بين سائر ما لم يؤمن به الكفرة لكونها معظم ما أمروا الإيمان به، ولمراعاة التناسب بين أعمالهم وجزائها الذي أنبأ عنه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=10أعتدنا لهم عذابا أليما وهو عذاب جهنم، أي: أعددنا وهيأنا لهم فيما كفروا به وأنكروا وجوده من الآخرة عذابا مؤلما، وهو أبلغ في الزجر لما أن إتيان العذاب من حيث لا يحتسب أفظع وأفجع، ولعل أهل الكتاب داخلون في هذا الحكم؛ لأنهم لا يقولون بالجزاء الجسماني ويعتقدون في الآخرة أشياء لا أصل لها فلم يؤمنوا بالآخرة وأحكامها المشروحة في هذا القرآن حقيقة الإيمان فافهم.
والعطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9أن لهم أجرا كبيرا فيكون إعداد العذاب الأليم للذين لا يؤمنون بالآخرة مبشرا به كثبوت الأجر الكبير للمؤمنين الذين يعملون الصالحات، ومصيبة العدو سرور يبشر به فكأنه قيل: يبشر المؤمنين بثوابهم وعقاب أعدائهم، ويجوز أن تكون البشارة مجازا مرسلا بمعنى مطلق الإخبار الشامل للإخبار بما فيه سرور، وللإخبار بما ليس كذلك، وليس فيه الجمع بين معنى المشترك أو الحقيقة والمجاز حتى يقال: إنه من عموم المجاز وإن كان راجعا لهذا أو العطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23يبشر أو
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9يهدي بإضمار يخبر فيكون من عطف الجملة على الجملة، ولا يخفى ما في الآية من ترجيح الوعد على الوعيد.
[ ص: 23 ] ونبه سبحانه على ما في البحر بوصف المؤمنين بالذين يعملون الصالحات على الحالة الكاملة لهم ليتحلى المؤمن بذلك، وأنت تعلم أنه إن فسر الأجر الكبير بالجنة فهو ثابت للمؤمن العامل وللمؤمن المفرط؛ إذ أصل الإيمان متكفل بدخول الجنة فضلا من الله تعالى ورحمة، نعم ما أعد للعامل في الجنة أعظم مما أعد للمفرط، وإن فسر بما أعده الله تعالى في الآخرة من الجنة والدرجات العلى وأنواع الكرامات فيها التي لا يتكفل بها مجرد الإيمان فظاهر أن ذلك غير ثابت للمؤمن المفرط فلا بد من التوصيف ولا يلزم منه عدم دخول المفرط الجنة، نعم يلزم منه أن لا يثبت له الأجر الكبير بالمعنى السابق، والآيات التي يفهم منها دخوله الجنة كثيرة، ولعل هذه الآية يفهم منها ذلك، واقتضى المقام عدم التصريح بحكمه، وفي الكشاف أنه تعالى ذكر المؤمنين الأبرار والكفار ولم يذكر الفسقة؛ لأن الناس حينئذ إما مؤمن تقي، وإما مشرك، وأصحاب المنزلة بين المنزلتين إنما حدثوا بعد ذلك.
وتعقبه
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان بأنه مكابرة؛ فقد وقع في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم من بعض المؤمنين هفوات وسقطات، بعضها مذكور في القرآن وبعضها مذكور في الأحاديث الصحيحة اه. والمقرر في الأصول أن الأكثر على عدالة الصحابة، ومن طرأ له منهم قادح كسرقة وزنا عمل بمقتضاه، ثم ما ذكره من المنزلة بين المنزلتين الظاهر أنه أراد به ما ذهب إليه إخوانه
المعتزلة من أن
nindex.php?page=treesubj&link=28652مرتكب الكبيرة ليس بمؤمن ولا كافر، وإذا مات من غير توبة خلد في النار، وقد رد ذلك في علم الكلام فتدبر.
nindex.php?page=treesubj&link=30437_30525_30539_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=10وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَأَحْكَامِهَا الْمَشْرُوحَةِ فِيهِ مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ الرُّوحَانِيَّيْنِ وَالْجِسْمَانِيَّيْنِ، وَتَخْصِيصُ الْآخِرَةِ بِالذِّكْرِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ مَا لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ الْكَفَرَةُ لِكَوْنِهَا مُعْظَمَ مَا أُمِرُوا الْإِيمَانَ بِهِ، وَلِمُرَاعَاةِ التَّنَاسُبِ بَيْنَ أَعْمَالِهِمْ وَجَزَائِهَا الَّذِي أَنْبَأَ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=10أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَهُوَ عَذَابُ جَهَنَّمَ، أَيْ: أَعْدَدْنَا وَهَيَّأْنَا لَهُمْ فِيمَا كَفَرُوا بِهِ وَأَنْكَرُوا وُجُودَهُ مِنَ الْآخِرَةِ عَذَابًا مُؤْلِمًا، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ لِمَا أَنَّ إِتْيَانَ الْعَذَابِ مِنْ حَيْثُ لَا يُحْتَسَبُ أَفْظَعُ وَأَفْجَعُ، وَلَعَلَّ أَهْلَ الْكِتَابِ دَاخِلُونَ فِي هَذَا الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِالْجَزَاءِ الْجِسْمَانِيِّ وَيَعْتَقِدُونَ فِي الْآخِرَةِ أَشْيَاءَ لَا أَصْلَ لَهَا فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِالْآخِرَةِ وَأَحْكَامِهَا الْمَشْرُوحَةِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ فَافْهَمْ.
وَالْعَطْفُ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا فَيَكُونُ إِعْدَادُ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ لِلَّذِينِ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مُبَشَّرًا بِهِ كَثُبُوتِ الْأَجْرِ الْكَبِيرِ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ، وَمُصِيبَةُ الْعَدُوِّ سُرُورٌ يُبَشَّرُ بِهِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ بِثَوَابِهِمْ وَعِقَابِ أَعْدَائِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبِشَارَةُ مَجَازًا مُرْسَلًا بِمَعْنَى مُطْلِقِ الْإِخْبَارِ الشَّامِلِ لِلْإِخْبَارِ بِمَا فِيهِ سُرُورٌ، وَلِلْإِخْبَارِ بِمَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ مَعْنَى الْمُشْتَرَكِ أَوِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهُ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا لِهَذَا أَوِ الْعَطْفِ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23يُبَشِّرُ أَوْ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9يَهْدِي بِإِضْمَارِ يُخْبِرُ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْآيَةِ مِنْ تَرْجِيحِ الْوَعْدِ عَلَى الْوَعِيدِ.
[ ص: 23 ] وَنَبَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ بِوَصْفِ الْمُؤْمِنِينَ بِالَّذِينِ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ عَلَى الْحَالَةِ الْكَامِلَةِ لَهُمْ لِيَتَحَلَّى الْمُؤْمِنُ بِذَلِكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ فُسِّرَ الْأَجْرُ الْكَبِيرُ بِالْجَنَّةِ فَهُوَ ثَابِتٌ لِلْمُؤْمِنِ الْعَامِلِ وَلِلْمُؤْمِنِ الْمُفَرِّطِ؛ إِذْ أَصْلُ الْإِيمَانِ مُتَكَفِّلٌ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَةً، نَعَمْ مَا أُعِدَّ لِلْعَامِلِ فِي الْجَنَّةِ أَعْظَمُ مِمَّا أُعِدَّ لِلْمُفَرِّطِ، وَإِنْ فُسِّرَ بِمَا أَعَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْجَنَّةِ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَأَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ فِيهَا الَّتِي لَا يَتَكَفَّلُ بِهَا مُجَرَّدُ الْإِيمَانِ فَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ ثَابِتٍ لِلْمُؤْمِنِ الْمُفَرِّطِ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّوْصِيفِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ دُخُولِ الْمُفَرِّطِ الْجَنَّةَ، نَعَمْ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يُثْبَتَ لَهُ الْأَجْرُ الْكَبِيرُ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، وَالْآيَاتُ الَّتِي يُفْهَمُ مِنْهَا دُخُولُهُ الْجَنَّةَ كَثِيرَةٌ، وَلَعَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ يُفْهَمُ مِنْهَا ذَلِكَ، وَاقْتَضَى الْمَقَامُ عَدَمَ التَّصْرِيحِ بِحُكْمِهِ، وَفِي الْكَشَّافِ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الْمُؤْمِنِينَ الْأَبْرَارَ وَالْكُفَّارَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْفَسَقَةَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ حِينَئِذٍ إِمَّا مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَإِمَّا مُشْرِكٌ، وَأَصْحَابُ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ إِنَّمَا حَدَثُوا بَعْدَ ذَلِكَ.
وَتَعَقَّبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ بِأَنَّهُ مُكَابَرَةٌ؛ فَقَدْ وَقَعَ فِي زَمَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ هَفَوَاتٌ وَسَقَطَاتٌ، بَعْضُهَا مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ وَبَعْضُهَا مَذْكُورٌ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ اه. وَالْمُقَرَّرُ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ طَرَأَ لَهُ مِنْهُمْ قَادِحٌ كَسَرِقَةٍ وَزِنًا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ إِخْوَانُهُ
الْمُعْتَزِلَةُ مِنْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28652مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ، وَإِذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ خُلِّدَ فِي النَّارِ، وَقَدْ رُدَّ ذَلِكَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ فَتَدَبَّرْ.