الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 257 ] ( 15 ) باب النهي عن أن يصيب الرجل أمة كانت لأبيه

                                                                                                                        1097 - مالك ; أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وهب لابنه جارية ، فقال : لا تمسها . فإني قد كشفتها .

                                                                                                                        مالك ، عن عبد الرحمن بن المجبر ; أنه قال : وهب سالم بن عبد الله لابنه جارية . فقال : لا تقربها فإني قد أردتها ، فلم أنشط إليها .

                                                                                                                        1098 - وعن يحيى بن سعيد ; أن أبا نهشل بن الأسود ، قال للقاسم بن محمد : إني رأيت جارية لي منكشفا عنها ، وهي في القمر . فجلست منها مجلس الرجل من امرأته . فقالت : إني حائض . فقمت . فلم أقربها بعد . أفأهبها لابني يطؤها ؟ فنهاه القاسم عن ذلك .

                                                                                                                        1099 - مالك ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن عبد الملك بن مروان ; أنه وهب لصاحب له جارية . ثم سأله عنها . فقال : قد هممت أن أهبها لابني ، فيفعل بها كذا وكذا . فقال عبد الملك : لمروان كان أورع منك . وهب لابنه جارية . ثم قال : لا تقربها فإني قد رأيت ساقها منكشفة .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        24340 - قال أبو عمر : أعلى ما في هذا المعنى ما أخبرنا به أبو محمد [ ص: 258 ] عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ، قال : حدثني عبد المؤمن بن محمد بن عثمان بن ثابت ، قال : حدثني إسماعيل بن إسحاق ، قال : حدثني علي بن المديني ، قال : حدثني ابن عيينة ، قال : حدثني يزيد بن يزيد بن جابر ، عن مكحول أن عمر جرد جارية ، فنظر إليها ، ثم نهى بعض ولده أن يقربها .

                                                                                                                        24341 - وذكر عبد الرزاق ، عن ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن عبد الله وعبد الرحمن ابني عامر بن ربيعة أن عامر بن ربيعة - وكان بدريا - نهاهما عن جارية له أن يقرباها .

                                                                                                                        قالا : وما علمناه كان منه إليها شيء إلا أن يكون اطلع منها مطلعا كره أن يطلعه أحدهما .

                                                                                                                        24342 - وعن الثوري ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم أن مسروقا قال في جارية له : إني لم أصب منها إلا ما حرم على ولدي من اللمس ، والنظر .

                                                                                                                        24343 - وعن الثوري ، عن معمر عن عاصم بن سليمان ، عن [ ص: 259 ] الشعبي ، عن مسروق أنه قال لبنيه في أمة له : قد نظرت منها منظرا ، وقعدت منها مقعدا ، لا أحب أن تقعدوا منها مقعدي ، ولا تنظروا منظري .

                                                                                                                        24344 - وعن مجاهد ، وإبراهيم ، والقاسم : التحريم باللمس ، والقبل ، ووضع اليد على الفرج ، والنظر إليه .

                                                                                                                        24345 - وعن معمر ، عن قتادة ، والحسن قالا : لا يحرمها إلا الوطء .

                                                                                                                        24346 - قال أبو عمر : قد اختلف عن قتادة في ذلك .

                                                                                                                        24347 - ولم يختلف عن الحسن فيما علمت ، والله أعلم .

                                                                                                                        24348 - ذكر ابن أبي شيبة ، قال : حدثني محمد بن يزيد ، عن أبي العلاء ، وقتادة ، وأبي هاشم ، قالا في الرجل يقبل أم امرأته أو ابنتها ، حرمت عليه امرأته .

                                                                                                                        24349 - قال : حدثني عبد الأعلى ، عن هشام ، عن الحسن في الرجل يقبل المرأة ، أو يلمسها ، أو يأتيها في غير فرجها إن شاء تزوجها ، وتزوج أمها إن [ ص: 260 ] شاء ، وإن شاء ابنتها .

                                                                                                                        24350 - واتفق مالك ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والأوزاعي ، والليث : أن اللمس لشهوة يحرم الأم والابنة ، فيحرمها على الأب ، والابن .

                                                                                                                        24351 - وهو أحد قولي الشافعي ، وهو الأكثر عنه .

                                                                                                                        24352 - وله قول آخر أنه لا يحرمها إلا الوطء .

                                                                                                                        24353 - وبه قال داود .

                                                                                                                        24354 - واختاره المزني من قولي الشافعي .

                                                                                                                        24355 - واختلفوا في النظر :

                                                                                                                        24356 - فقال مالك : إذا نظر إلى شعر جاريته ، أو صدرها ، أو ساقها ، أو شيء من محاسنها تلذذا حرمت عليه أمها .

                                                                                                                        24357 - وقال ابن أبي ليلى ، والشافعي : لا تحرم بالنظر حتى يلمس .

                                                                                                                        24358 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : إذا نظر في الفرج بشهوة كان بمنزلة اللمس بشهوة .

                                                                                                                        [ ص: 261 ] 24359 - وقال الثوري : إذا نظر إلى فرجها متعمدا ، ولم يذكر الشهوة .

                                                                                                                        24360 - قال أبو عمر : حرم الله - عز وجل - على الآباء حلائل أبنائهم ، وحرم على الأبناء ما نكح آباؤهم من النساء ، وحرم أمهات النساء والربائب المدخول بأمهاتهن .

                                                                                                                        24361 - وأجمعوا أن ذلك كله أريد به الوطء مع العقد في الزوجات .

                                                                                                                        24362 - واختلفوا في العقد دون الوطء وفي الوطء دون العقد على ما قد ذكرناه ، والحمد لله .

                                                                                                                        24363 - وملك اليمين في ذلك كله تبع للنكاح .

                                                                                                                        24364 - وجاء عن جمهور السلف أنهم كرهوا من اللمس ، والقبل ، والكشف ، ونحو ذلك ما كرهوا من الوطء ورعا ، ودينا ، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه ، ومن رعى حول الحمى لم يؤمن عليه أن يرتع فيه .




                                                                                                                        الخدمات العلمية