الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ما يكره من التشديد في العبادة

                                                                                                                                                                                                        1099 حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال ما هذا الحبل قالوا هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد [ ص: 44 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 44 ] قوله : ( باب ما يكره من التشديد في العبادة ) ، قال ابن بطال : إنما يكره ذلك خشية الملال المفضي إلى ترك العبادة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا عبد الوارث ) هو ابن سعيد ، والإسناد كله بصريون .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( دخل النبي صلى الله عليه وسلم ) زاد مسلم في روايته " المسجد " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بين الساريتين ) أي اللتين في جانب المسجد ، وكأنهما كانتا معهودتين للمخاطب ، لكن في رواية مسلم : " بين ساريتين " ؛ بالتنكير .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قالوا : هذا حبل لزينب ) ؛ جزم كثير من الشراح تبعا للخطيب في مبهماته بأنها بنت جحش أم المؤمنين ، ولم أر ذلك في شيء من الطرق صريحا . ووقع في شرح الشيخ سراج الدين بن الملقن أن ابن أبي شيبة رواه كذلك ، لكني لم أر في مسنده ومصنفه زيادة على قوله : " قالوا لزينب " . أخرجه عن إسماعيل بن علية ، عن عبد العزيز ، وكذا أخرجه مسلم عنه ، وأبو نعيم في المستخرج من طريقه ، وكذلك رواه أحمد في مسنده ، عن إسماعيل ، وأخرجه أبو داود عن شيخين له ، عن إسماعيل ، فقال : عن أحدهما " زينب " ، ولم ينسبها ، وقال : عن آخر : " حمنة بنت جحش " ، فهذه قرينة في كون زينب هي بنت جحش . وروى أحمد من طريق حماد ، عن حميد ، عن أنس أنها حمنة بنت جحش أيضا ، فلعل نسبة الحبل إليهما باعتبار أنه ملك لإحداهما والأخرى المتعلقة به ، وقد تقدم في كتاب الحيض أن بنات جحش كانت كل واحدة منهن تدعى زينب فيما قيل ، فعلى هذا فالحبل لحمنة ، وأطلق عليها زينب باعتبار اسمها الآخر . ووقع في صحيح ابن خزيمة من طريق شعبة ، عن عبد العزيز : " فقالوا لميمونة بنت الحارث " ، وهي رواية شاذة ، وقيل : يحتمل تعدد القصة ، ووهم من فسرها بجويرية بنت الحارث ، فإن لتلك قصة أخرى تقدمت في أوائل الكتاب ، والله أعلم . وزاد مسلم : " فقالوا لزينب تصلي " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فإذا فترت ) بفتح المثناة أي كسلت عن القيام في الصلاة ، ووقع عند مسلم بالشك : " فإذا فترت أو كسلت " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال صلى الله عليه وسلم : لا . ) يحتمل النفي ؛ أي لا يكون هذا الحبل ، أو لا يحمد ، ويحتمل النهي ؛ أي : لا تفعلوه ، وسقطت هذه الكلمة في رواية مسلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( نشاطه ) بفتح النون ؛ أي مدة نشاطه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فليقعد ) يحتمل أن يكون أمرا بالقعود عن القيام فيستدل به على جواز افتتاح الصلاة قائما والقعود في أثنائها ، وقد تقدم نقل الخلاف فيه . ويحتمل أن يكون أمرا بالقعود عن الصلاة ؛ أي بترك ما كان عزم عليه من التنفل ، ويمكن أن يستدل به على جواز قطع النافلة بعد الدخول فيها ، وقد تقدم في " باب الوضوء من النوم " في كتاب الطهارة حديث : إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقرأ . [ ص: 45 ] وهو من حديث أنس أيضا ، ولعله طرف من هذه القصة . وفيه حديث عائشة أيضا : إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد ، حتى يذهب عنه النوم . وفيه : لئلا يستغفر فيسب نفسه وهو لا يشعر . هذا ، أو معناه ، ويجيء من الاحتمال ما تقدم في حديث الباب . وفيه الحث على الاقتصاد في العبادة ، والنهي عن التعمق فيها ، والأمر بالإقبال عليها بنشاط . وفيه إزالة المنكر باليد واللسان . وجواز تنفل النساء في المسجد . واستدل به على كراهة التعلق في الحبل في الصلاة ، وسيأتي ما فيه في " باب استعانة اليد في الصلاة " بعد الفراغ من أبواب التطوع .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية