الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وإذ أخذنا من النبيين الآيتين .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج الفريابي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم قال : في ظهر آدم، وأخذنا منهم ميثاقا غليظا قال : أغلظ مما أخذه من الناس، ليسأل الصادقين عن صدقهم قال : المبلغين المؤدين من الرسل .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 732 ] وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم الآية . قال : أخذ الله على النبيين خصوصا أن يصدق بعضهم بعضا، وأن يتبع بعضهم بعضا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في "الدلائل"، عن أبي مريم الغساني، أن أعرابيا قال : يا رسول الله، أي شيء كان أول نبوتك؟ قال : «أخذ الله مني الميثاق كما أخذ من النبيين ميثاقهم» . ثم تلا : « وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ، ودعوة أبي إبراهيم، قال : وابعث فيهم رسولا منهم [البقرة : 129] . وبشرى المسيح عيسى ابن مريم، ورأت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي ، والطبراني ، وابن مردويه ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خلق الله الخلق، وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين، وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده [ ص: 733 ] الأخرى، وكلتا يدي الرحمن يمين، فأما أصحاب اليمين فاستجابوا إليه فقالوا : لبيك ربنا وسعديك . قال : ألست بربكم قالوا بلى [الأعراف : 172] . فخلط بعضهم ببعض، فقال قائل منهم : يا رب، لم خلطت بيننا؟ قال : ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون، أن يقولوا يوم القيامة : إنا كنا عن هذا غافلين . ثم ردهم في صلب آدم، فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها» . فقال قائل : فما العمل إذن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يعمل كل قوم لمنزلتهم» . فقال عمر بن الخطاب : إذن نجتهد يا رسول الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قيل : يا رسول الله، متى أخذ ميثاقك؟ قال : «وآدم بين الروح والجسد» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد عن عامر قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : متى استنبئت؟ قال : «وآدم بين الروح والجسد، حين أخذ مني الميثاق» .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 734 ] وأخرج البزار ، والطبراني في "الأوسط"، وأبو نعيم في "الدلائل"، عن ابن عباس قال : قيل : يا رسول الله، متى كنت نبيا؟ قال : «وآدم بين الروح والجسد» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، والبخاري في "تاريخه"، والطبراني ، والحاكم وصححه، وأبو نعيم ، والبيهقي ، معا في "الدلائل"، عن ميسرة الفجر قال : قلت : يا رسول الله، متى كنت نبيا؟ قال : «وآدم بين الروح والجسد» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، عن أبي هريرة قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : متى وجبت لك النبوة؟ قال : «بين خلق آدم ونفخ الروح فيه» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم عن الصنابحي قال : قال عمر : متى جعلت نبيا؟ قال : «وآدم منجدل في الطين» .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 735 ] وأخرج ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء قال : قلت : يا رسول الله، متى كنت نبيا؟ قال : «إذ آدم بين الروح والجسد» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : متى كنت نبيا؟ قال : «بين الروح والطين من آدم» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح قال : «بدئ بي في الخلق، وكنت آخرهم في البعث» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن قتادة : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : «كنت أول الأنبياء في الخلق، وآخرهم في البعث» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي عاصم ، والضياء في "المختارة"، عن أبي بن كعب : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح . [ ص: 736 ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أولهم نوح، ثم الأول فالأول» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحسن بن سفيان، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في "الدلائل"، والديلمي ، وابن عساكر ، من طريق قتادة ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم الآية . قال : «كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث» فبدأ به قبلهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار عن أبي هريرة قال : خيار ولد آدم خمسة؛ نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، وخيرهم محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق الضحاك ، عن ابن عباس : ميثاقهم عهدهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، بسند صحيح، عن ابن عباس : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم قال : إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم، والديلمي ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 737 ] «ليس من عالم إلا وقد أخذ الله ميثاقه يوم أخذ ميثاق النبيين، يدفع عنه مساوئ عمله لمحاسن علمه، إلا أنه لا يوحى إليه» .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية