الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الحسن بن عيسى بن ماسرجس ( م ، د ، س )

                                                                                      الإمام المحدث الثقة الجليل ، أبو علي النيسابوري .

                                                                                      حدث عن : أبي الأحوص سلام بن سليم ، وأبي بكر بن عياش ، وجرير بن عبد الحميد ، وعبد الله بن المبارك مولاه ، وعبد السلام بن حرب ، وسعير بن الخمس ، ونوح بن أبي مريم ، وأبي معاوية الضرير ، وطبقتهم .

                                                                                      [ ص: 28 ] روى عنه : مسلم ، وأبو داود ، وبواسطة النسائي ، والبخاري في غير " صحيحه " ، وزكريا خياط السنة ، وأبو يعلى الموصلي ، وأبو القاسم البغوي ، ويحيى بن صاعد ، وأبو العباس السراج ، وآخرون . وقد حدث عنه أحمد بن حنبل مع تقدمه . كان من كبراء النصارى ، فأسلم .

                                                                                      قال الحاكم : سمعت الحسين بن أحمد الماسرجسي ، يحكي عن جده وغيره ، قال : كان الحسن والحسين ابنا عيسى يركبان معا ، فيتحير الناس من حسنهما وبزتهما ، فاتفقا على أن يسلما ، فقصدا حفص بن عبد الرحمن ، فقال : أنتما من أجل النصارى ، وابن المبارك قادم ليحج ، فإذا أسلمتما على يده كان ذلك أعظم عند المسلمين ، وأرفع لكما ، فإنه شيخ المشرق . فانصرفا عنه ، فمرض الحسين ، فمات نصرانيا . فلما قدم ابن المبارك ، أسلم الحسن على يده .

                                                                                      قلت : يبعد أن يأمرهما حفص بتأخير الإسلام ، فإنه رجل عالم . فإن صح ذلك فموت الحسين مريدا للإسلام ، منتظرا قدوم ابن المبارك ليسلم نافع له .

                                                                                      قال الحاكم : حدثنا الحافظ أبو علي النيسابوري عن شيوخه أن ابن المبارك نزل مرة برأس سكة عيسى ، وكان الحسن بن عيسى يركب [ ص: 29 ] فيجتاز به وهو في المجلس ، وكان من أحسن الشباب [ وجها ] ، فسأل ابن المبارك عنه ، فقيل : هو نصراني . فقال : اللهم ارزقه الإسلام ، فاستجيب له .

                                                                                      قال أبو العباس السراج : حدثنا الحسن بن عيسى مولى عبد الله بن المبارك ، وكان عاقلا : عد في مجلسه بباب الطاق اثنا عشر ألف محبرة .

                                                                                      ومات بالثعلبية منصرفه من مكة سنة تسع وثلاثين ومائتين . وقال أحمد بن محمد بن بكر : مات سنة أربعين .

                                                                                      قال الحاكم : سمعت ابني المؤمل بن الحسن يقولان : أنفق جدنا في الحجة التي توفي فيها ثلاثمائة ألف .

                                                                                      قال الحاكم : فحججت مع ابني المؤمل ، وزرنا بالثعلبية قبر جدهما ، فقرأت على لوح قبره : ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله . [ ص: 30 ] هذا قبر الحسن بن عيسى بن ماسرجس ، مولى عبد الله بن المبارك . توفي في صفر سنة أربعين .

                                                                                      وقال محمد بن المؤمل بن الحسن : سمعت أبا يحيى البزاز يقول لأبي رجاء القاضي : كنت فيمن حج مع الحسن بن عيسى وقت موته ، فاشتغلت بحفظ جملي عن شهوده ، فأريته في النوم ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي ولكل من صلى علي . قلت : فإني فاتني الصلاة عليك لغيبة عديلي ، فقال : لا تجزع ، وغفر لكل من يترحم علي . رحمه الله .

                                                                                      قلت : وفي ذريته وأقاربه محدثون وفضلاء .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية