الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( الذي علم بالقلم ( 4 ) علم الإنسان ما لم يعلم ( 5 ) كلا إن الإنسان ليطغى ( 6 ) أن رآه استغنى ( 7 ) إن إلى ربك الرجعى ( 8 ) أرأيت الذي ينهى ( 9 ) عبدا إذا صلى ( 10 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( الذي علم بالقلم ) يعني الخط والكتابة . ( علم الإنسان ما لم يعلم ) من أنواع الهدى والبيان . وقيل : علم آدم الأسماء كلها . وقيل : الإنسان هاهنا محمد - صلى الله عليه وسلم - بيانه : " وعلمك ما لم تكن تعلم " ( النساء - 113 ) . ( كلا ) حقا ( إن الإنسان ليطغى ) ليتجاوز حده ويستكبر على ربه . ( أن ) لأن ( رآه استغنى ) أن رأى نفسه غنيا . قال الكلبي : يرتفع عن منزلة إلى منزلة في اللباس والطعام وغيرهما .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مقاتل : نزلت في أبي جهل ، كان إذا أصاب مالا زاد في ثيابه ومركبه وطعامه ، فذلك طغيانه . ( إن إلى ربك الرجعى ) أي المرجع في الآخرة ، [ " الرجعى " : مصدر على وزن فعلى ] . ( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ) نزلت في أبي جهل ، نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عبد الله بن معاذ ومحمد بن عبد الأعلى القيسي ، قالا حدثنا المعتمر عن أبيه ، حدثني نعيم بن أبي هند ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ فقيل : نعم ، فقال : [ واللات ] [ ص: 480 ] والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته ، ولأعفرن وجهه في التراب ، قال : فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ، [ عزم ] ليطأ على رقبته ، فما فجأهم منه إلا وهو ينكص ، على عقبيه ، ويتقي بيديه ، قال فقيل له : ما لك يا أبا الحكم ؟ قال : إن بيني وبينه لخندقا من نار ، وهولا وأجنحة . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا ، قال : فأنزل الله - لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه - : كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى " أرأيت " هاهنا تعجيب للمخاطب . وكرر هذه اللفظة للتأكيد :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية