الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة قال : مواساة عند القتال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، والخطيب في رواة مالك، وابن عساكر ، وابن النجار ، عن ابن عمر في قوله : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة قال : في جوع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن سعيد بن يسار قال : كنت مع ابن عمر في طريق مكة ، فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت، فقال ابن عمر : أليس لك في رسول الله أسوة حسنة؟ قلت : [ ص: 760 ] بلى . قال : فإنه كان يوتر على البعير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن ماجه ، وابن أبي حاتم ، عن حفص بن عاصم قال : قلت لعبد الله بن عمر : رأيتك في السفر لا تصلي قبل الصلاة ولا بعدها؟ فقال : يا ابن أخي، صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فلم أره يصلي قبل الصلاة ولا بعدها، ويقول الله : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ، ومسلم ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عمر ، أنه سئل عن رجل معتمر طاف بالبيت، أيقع على امرأته قبل أن يطوف بالصفا والمروة؟ فقال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت، وصلى خلف المقام ركعتين، وسعى بين الصفا والمروة . ثم قرأ : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء، أن رجلا أتى ابن عباس فقال : إني نذرت أن أنحر نفسي . فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة . وفديناه بذبح عظيم [الصافات : 107] . فأمره بكبش .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي ، وعبد الرزاق ، والبخاري ، ومسلم ، وابن ماجه ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : إذا حرم الرجل عليه امرأته فهو يمين يكفرها . وقال : [ ص: 761 ] لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عمر أنه أهل وقال : إن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه . ثم تلا : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" عن قتادة قال : هم عمر بن الخطاب أن ينهى عن الحبرة من صباغ البول، فقال له رجل : أليس قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها؟ قال عمر : بلى . قال الرجل : ألم يقل الله : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ؟ فتركها عمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد عن ابن عباس ، أن عمر أكب على الركن فقال : إني لأعلم أنك حجر، ولو لم أر حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك واستلمك، ما استلمتك ولا قبلتك، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وأبو يعلى ، عن يعلى بن أمية قال : طفت مع عمر، فلما كنت عند الركن الذي يلي الباب مما يلي الحجر، أخذت بيده ليستلم، فقال : ما طفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت : بلى . قال : فهل رأيته يستلمه؟ قلت : لا . [ ص: 762 ] قال : فانفذ عنك، فإن لك في رسول الله أسوة حسنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، عن عيسى بن عاصم ، عن أبيه قال : صلى ابن عمر صلاة من صلاة النهار في السفر، فرأى بعضهم يسبح، فقال ابن عمر : لو كنت مسبحا لأتممت الصلاة، حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يسبح بالنهار، وحججت مع أبي بكر فكان لا يسبح بالنهار، وحججت مع عمر فكان لا يسبح بالنهار، وحججت مع عثمان فكان لا يسبح بالنهار . ثم قال ابن عمر : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية