الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( كتاب النذر )

                                                                                                                                الكلام في هذا الكتاب في الأصل في ثلاثة مواضع : في بيان ركن النذر ، وفي بيان شرائط الركن ، وفي بيان حكم النذر أما الأول : فركن النذر هو الصيغة الدالة عليه وهو قوله : " لله عز شأنه علي كذا ، أو علي كذا ، أو هذا هدي ، أو صدقة ، أو مالي صدقة ، أو ما أملك صدقة ، ونحو ذلك .

                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما شرائط الركن فأنواع : بعضها يتعلق بالناذر ، وبعضها يتعلق بالمنذور به ، وبعضها يتعلق بنفس الركن .

                                                                                                                                أما الذي يتعلق بالناذر فشرائط الأهلية : .

                                                                                                                                ( منها ) العقل .

                                                                                                                                ( ومنها ) البلوغ ، فلا يصح نذر المجنون والصبي الذي لا يعقل ، لأن حكم النذر وجوب المنذور به ، وهما ليسا من أهل الوجوب ، وكذا الصبي العاقل ; لأنه ليس من أهل وجوب الشرائع ، ألا ترى أنه لا يجب عليهما شيء من الشرائع بإيجاب الشرع ابتداء ؟ فكذا بالنذر ، إذ الوجوب عند [ ص: 82 ] وجود الصيغة من الأهل في المحل بإيجاب الله - تعالى - لا بإيجاب العبد ، إذ ليس للعبد ولاية الإيجاب ، وإنما الصيغة علم على إيجاب الله - تعالى - .

                                                                                                                                ( ومنها ) الإسلام فلا يصح نذر الكافر ، حتى لو نذر ثم أسلم لا يلزمه الوفاء به ، وهو ظاهر مذهب الشافعي رحمه الله ; لأن كون المنذور به قربة شرط صحة النذر ، وفعل الكافر لا يوصف بكونه قربة .

                                                                                                                                ( وأما ) حرية الناذر فليست من شرائط الصحة ; فيصح نذر المملوك ، ثم إن كان المنذور به من القرب الدينية كالصلاة والصوم ونحوهما يجب عليه للحال ، ولو كان من القرب المالية كالإعتاق والإطعام ونحو ذلك يجب عليه بعد العتاق ; لأنه ليس من أهل الملك للحال ولو قال : إن اشتريت هذه الشاة فهي هدي ، أو إن اشتريت هذا العبد فهو حر ، فعتق لم يلزمه حتى يضيفه إلى ما بعد العتق في قياس قول أبي حنيفة ، وقد ذكرناه في كتاب العتاق .

                                                                                                                                ( وأما ) الطواعية فليست بشرط عندنا خلافا للشافعي رحمه الله كما في اليمين ، وكذا الجد والهزل والله - عز شأنه - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية