الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وما كان لمؤمن الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 49 ] انطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثة فدخل على زينب بنت جحش الأسدية فخطبها، قالت : لست بناكحته قال : "بلى، فانكحيه" قالت : يا رسول الله أؤامر في نفسي، فبينما هما يتحدثان، أنزل الله هذه الآية على رسوله صلى الله عليه وسلم : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله الآية، قالت : قد رضيته لي يا رسول الله منكحا قال : "نعم"، قالت : إذن لا أعصي رسول الله قد أنكحته نفسي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة فاستنكفت منه وقالت : أنا خير منه حسبا، وكانت امرأة فيها حدة، فأنزل الله : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة الآية كلها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر والطبراني عن قتادة قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم زينب وهو يريدها لزيد، فظنت أنه يريدها لنفسه، فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت، فأنزل الله : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة الآية، فرضيت وسلمت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا الآية . قال : زينب بنت جحش وكراهتها [ ص: 50 ] زيد بن حارثة حين أمرها به محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب : "إني أريد أن أزوجك زيد بن حارثة فإني قد رضيته لك"، قالت : يا رسول الله، لكني لا أرضاه لنفسي، وأنا أيم قومي وبنت عمتك فلم أكن لأفعل، فنزلت هذه الآية : وما كان لمؤمن يعني زيدا ولا مؤمنة يعني : زينب، إذا قضى الله ورسوله أمرا ، يعني النكاح في هذا الموضع، أن تكون لهم الخيرة من أمرهم . يقول : ليس لهم الخيرة من أمرهم خلاف ما أمر الله به، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا قالت : قد أطعتك فاصنع ما شئت فزوجها زيدا ودخل عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت أول امرأة هاجرت من النساء، فوهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فزوجها زيد بن حارثة ، فسخطت هي وأخوها وقالا : إنما أردنا [ ص: 51 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجنا عبده فنزلت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه والبيهقي في "سننه"، عن طاوس أنه سأل ابن عباس عن ركعتين بعد العصر فنهاه، وقال ابن عباس : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية