الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون

اعتراض بين سوق المنن . والخطاب للنبيء - صلى الله عليه وسلم - . وأصحاب هذه الصفات هم المسلمون .

والمخبت : المتواضع الذي لا تكبر عنده . وأصل المخبت من سلك الخبت . وهو المكان المنخفض ضد المصعد . ثم استعير للمتواضع [ ص: 261 ] كأنه سلك نفسه في الانخفاض ، والمراد بهم هنا المؤمنون ؛ لأن التواضع من شيمهم كما كان التكبر من سمات المشركين قال تعالى كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار .

والوجل : الخوف الشديد . وتقدم في قوله تعالى قال إنا منكم وجلون في سورة الحجر . وقد أتبع صفة ( المخبتين ) بأربع صفات وهي : وجل القلوب عند ذكر الله ، والصبر على الأذى في سبيله ، وإقامة الصلاة ، والإنفاق . وكل هذه الصفات الأربع مظاهر للتواضع فليس المقصود من جمع تلك الصفات ؛ لأن بعض المؤمنين لا يجد ما ينفق منه وإنما المقصود من لم يخل بواحدة منها عند إمكانها . والمراد من الإنفاق الإنفاق على المحتاجين الضعفاء من المؤمنين لأن ذلك هو دأب المخبتين . وأما الإنفاق على الضعيف والأصحاب فذلك مما يفعله المتكبرون من العرب كما تقدم عند قوله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين . وهو نظير الإنفاق على الندماء في مجالس الشراب . ونظير إتمام الإيسار في مواقع الميسر ، كما قاله النابغة :

إني أتمم أيساري وأمنحهم مثني الأيادي وأكسو الجفنة الأدما



والمراد بالصبر : الصبر على ما يصيبهم من الأذى في سبيل الإسلام . وأما الصبر في الحروب وعلى فقد الأحبة فمما تشترك فيه النفوس الجلدة من المتكبرين والمخبتين . وفي كثير من ذلك الصبر فضيلة إسلامية إذا كان تخلقا بأدب الإسلام قال تعالى وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية