الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا الوراثة مترتبة على أنه ولي؛ أو هو معنى ولايته عنه؛ ولذا انفصلت عن الجملة السامية السابقة; لأنها مترتبة عليها؛ أو لأنها بمنزلة السبب؛ وهذه بمنزلة المسبب؛ وما الموروث؟ قالوا: إن الوراثة تكون وراثة في الجسم والعقل والغرائز والصفات الفطرية؛ وبعض المكتسبة; كي تكون الوراثة في المال والعلم والحكمة والسجايا الفطرية؛ وقد نفى بعض العلماء الوراثة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نحن معشر الأنبياء لا نورث "؛ ولكن الأكثر على أن الوراثة في المال بالنسبة لزكريا - عليه السلام - هي ثابتة؛ ولعل ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - غالب ما عليه الأنبياء؛ أو خاص بالمرسلين أصحاب الشرائع منهم؛ كموسى؛ وعيسى؛ ونوح؛ وإبراهيم - عليهم السلام -؛ وإلى هذا نميل; لأنه من المؤكد أنه ورث سليمان داود؛ بنص القرآن الكريم.

                                                          وقوله (تعالى): ويرث من آل يعقوب "من "؛ هنا؛ تدل على الابتداء؛ أي: يرث ميراثا من آل يعقوب.

                                                          هذا هو الطلب الأول الذي دعا ربه ضارعا إليه؛ أما الطلب الثاني فهو أنه خصه بأن يكون مرضيا؛ أي: تكون سجاياه وأعماله وأخلاقه مرضية مستقيمة؛ ولذا قال (تعالى): واجعله رب رضيا "رضيا "؛ هنا "فعيل "؛ بمعنى "مفعول "؛؛ أي: اجعله مرضيا عندك؛ أي أن تكون أخلاقه وأفعاله وصفاته المكتسبة موضع رضا منك "؛ ولم يقل: "وكن راضيا عنه "؛ لأنه يطلب ما يطلب في خلق الولي وتكوينه؛ أي: اجعله في تكوينه محاولا رضاك؛ وأن ترضى عنه؛ بحيث يتخذ الأسباب لينال رضاك أنت العليم الحكيم؛ فلا يكون شقيا؛ ولا يكون عصيا؛ بل يكون رضيا برا تقيا.

                                                          وإن الدعاء صادر من قلب خاشع ضارع؛ ولذا استجاب - سبحانه -؛ وكان الخارق للعادة؛ فقال (تعالى): [ ص: 4613 ] /

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية