الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تحريم الفرار من الزحف .

قال : الله تبارك وتعالى { يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } وقال عز وجل { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين } الآية أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال : لما نزلت { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } فكتب عليهم أن لا يفر العشرون من المائتين فأنزل الله عز وجل { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين } فخفف عنهم وكتب عليهم أن لا يفر مائة من المائتين .

( قال الشافعي ) : وهذا كما قال ابن عباس إن شاء الله تعالى مستغنى فيه بالتنزيل عن التأويل وقال : الله تعالى : { إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار } الآية ، فإذا غزا المسلمون [ ص: 179 ] أو غزوا فتهيئوا للقتال فلقوا ضعفهم من العدو حرم عليهم أن يولوا عنهم إلا متحرفين إلى فئة فإن كان المشركون أكثر من ضعفهم لم أحب لهم أن يولوا عنهم ، ولا يستوجب السخط عندي من الله عز وعلا لو ولوا عنهم إلى غير التحرف للقتال والتحيز إلى فئة ; لأنا بينا أن الله عز وجل إنما يوجب سخطه على من ترك فرضه وأن فرض الله عز وجل في الجهاد إنما هو على أن يجاهد المسلمون ضعفهم من العدو ، ويأثم المسلمون لو أطل عدو على أحد من المسلمين وهم يقدرون على الخروج إليه بلا تضييع لما خلفهم من ثغرهم إذا كان العدو ضعفهم وأقل .

التالي السابق


الخدمات العلمية