الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 231 ] قوله تعالى : الذي أنزل فيه القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج أحمد ، وابن جرير ، ومحمد بن نصر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والأصبهاني في "الترغيب"، عن واثلة بن الأسقع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو يعلى ، وابن مردويه ، عن جابر بن عبد الله قال : أنزل الله صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان، وأنزل التوراة على موسى لست خلون من رمضان، وأنزل الزبور على داود لاثنتي عشرة خلت من رمضان، وأنزل الإنجيل على عيسى لثماني عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان على محمد لأربع وعشرين خلت من رمضان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الضريس عن أبي الجلد قال : أنزل صحف إبراهيم عليه [ ص: 232 ] السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست خلون من رمضان، وأنزل الزبور لاثنتي عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثمان عشرة خلون من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين ليلة خلت من رمضان . وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " أعطيت السبع الطول مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج محمد بن نصر، عن عائشة قالت : أنزلت الصحف الأولى في أول يوم من رمضان، وأنزلت التوراة في ست من رمضان، وأنزل الإنجيل في اثنتي عشرة من رمضان، وأنزل الزبور في ثماني عشرة من رمضان، وأنزل القرآن في أربع وعشرين من رمضان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، ومحمد بن نصر في كتاب "الصلاة" ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، والبيهقي في " الأسماء والصفات" عن مقسم قال : سأل عطية بن الأسود ابن عباس فقال : إنه قد وقع في قلبي الشك؛ قول الله : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، وقوله : إنا أنزلناه في ليلة القدر ، وقوله : إنا أنزلناه في ليلة مباركة [ ص: 233 ] وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة والمحرم وشهر ربيع الأول! فقال ابن عباس : إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلا في الشهور والأيام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وابن جرير ، ومحمد بن نصر، والطبراني ، وابن مردويه ، والحاكم وصححه، والبيهقي ، والضياء في "المختارة"، عن ابن عباس قال : نزل القرآن جملة - وفي لفظ : فصل القرآن- من الذكر لأربعة وعشرين من رمضان فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا، فجعل جبريل ينزله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرتله ترتيلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : شهر رمضان، والليلة المباركة، وليلة القدر، فإن ليلة القدر هي الليلة المباركة، وهي في رمضان، نزل القرآن جملة واحدة من الذكر إلى البيت المعمور، وهو موقع النجوم في السماء الدنيا حيث وقع القرآن، ثم نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في الأمر والنهي وفي الحروب رسلا رسلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الضريس، والنسائي ، ومحمد بن نصر ، وابن جرير ، [ ص: 234 ] والطبراني والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي ، عن ابن عباس قال : أنزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا، فكان الله إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئا أنزله منه حتى جمعه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : نزل القرآن جملة واحدة على جبريل في ليلة القدر، فكان لا ينزل منه إلا ما أمر به .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الضريس عن سعيد بن جبير قال : نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان في ليلة القدر، فجعل في بيت العزة، ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة؛ جواب كلام الناس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو يعلى ، وابن عساكر ، عن الحسن بن علي ، أنه لما قتل علي قام خطيبا، فقال : والله لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة نزل فيها القرآن، وفيها رفع عيسى ابن مريم، وفيها قتل يوشع بن نون، وفيها تيب على بني إسرائيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن جريج قال : بلغني أنه كان ينزل فيه من القرآن حتى انقطع الوحي، وحتى مات محمد صلى الله عليه وسلم، فكان ينزل من القرآن في ليلة القدر، كل شيء ينزل من القرآن في تلك السنة، فينزل ذلك من [ ص: 235 ] السماء السابعة على جبريل في السماء الدنيا، فلا ينزل جبريل من ذلك على محمد إلا بما أمره ربه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن الضريس، عن داود بن أبي هند قال : قلت لعامر الشعبي : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن . فهل كان نزل عليه في سائر السنة إلا ما في رمضان؟ قال : بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا ما أنزل في السنة في رمضان، فيحكم الله ما يشاء، ويثبت ما يشاء، وينسخ ما ينسخ، وينسيه ما يشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الضحاك : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن يقول : الذي أنزل صومه في القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية