nindex.php?page=treesubj&link=1534الركن الرابع : الركوع وهو في اللغة انحناء الظهر ، قال الشاعر :
أليس ورائي إن تراخت منيتي لزوم عصا تحني عليها الأصابع أخبر أخبار القرون التي مضت
أدب كأني كلما قمت راكع
[ ص: 188 ] دليل وجوبه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا ) ومن السنة قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348552ثم اركع حتى تطمئن راكعا . والإجماع على ذلك ، وفي الجواهر : أقله أن تنال راحتاه ركبتيه أو يقربا منهما ، وأكمله استواء الظهر والعنق وينصب ركبتيه ويضع كفيه عليهما ، ويجافي مرفقيه عن جنبيه ولا يجاوز في الانحناء الاستواء . وفي الركن فروع ثلاثة :
الأول قال في الكتاب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=1765عجز عن الركوع والسجود دون القيام يومئ قائما للركوع طاقته ويمد يديه إلى ركبتيه ، وإذا قدر على الجلوس أومأ للسجود ويتشهد تشهديه جالسا ، وإلا صلى صلاته كلها قائما يومئ للسجود أخفض من الركوع ، قال صاحب الطراز : واختلف هل يشترط في الإيماء الطاقة أو يأتي بالحركات بدلا عن الركوع والسجود ؟ وهو مذهب الكتاب والأول
لمالك أيضا و ( ش ) . وجه المذهب القياس على المسايفة وصلاة النافلة ، وهما مجمع عليهما ، وأما الزيادة للسجود فقياسا على المبدل منه .
الثاني قال صاحب المنتقى :
nindex.php?page=treesubj&link=22757القراءة في الركوع منهي عنها ، وكره
مالك الدعاء لما في الموطأ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348553أنه - عليه السلام - نهى عن لبس القسي ، وعن التختم بالذهب ، وعن قراءة القرآن في الركوع ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عنه - عليه السلام - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348554نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم .
[ ص: 189 ] قاعدة :
nindex.php?page=treesubj&link=29711الله سبحانه وتعالى غني عن خلقه على الإطلاق لا تنفعه الطاعة ، ولا تضره معصية لكنه أمرنا سبحانه وتعالى أن نظهر الذل والانقياد لجلاله في حالات جرت العادات بأنها موضوعة لذلك ، كالركوع والسجود والمبادرة إلى الأوامر ، والمباعدة عن النواهي ، وأن نتأدب معه في الحالات التي تقتضي الأدب عادة ولذلك قال عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348555استحي من الله كما تستحيي من شيخ من صالحي قومك . ولما كانت العادة جارية عند الأماثل والملوك بتقديم الثناء عليهم قبل طلب الحوائج منهم ; لتنبسط نفوسهم لإنالتها أمرنا الله سبحانه وتعالى بتقديم الثناء على الدعاء ، كقول
nindex.php?page=showalam&ids=12467أمية بن أبي الصلت :
أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يوما كفاه من تعرضك الثناء
كريم لا يغيره صباح عن الخلق الجميل ولا مساء
فيكون
nindex.php?page=treesubj&link=24992الدعاء في السجود لوجهين ، أحدهما : لهذا المعنى ، والثاني : أنه غاية حالات الذل والخضوع بوضع أشرف ما في الإنسان الذي هو رأسه في التراب فيوشك أن لا يرد عن مقصده وأن يصل إلى مطلبه .
فائدة :
معنى قوله فقمن أي : أولى ومثله قمين وحر وحري وجدير ، ومعناها
[ ص: 190 ] كلها : أولى .
الثالث : يضع كفيه على ركبتيه ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - يطبق يديه ويضعهما بين فخذيه . لنا ما في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=10348556قال مصعب بن سعيد : صليت إلى جنب أبي فطبقت بين كفي ، ثم وضعتهما بين فخذي فنهاني ، وقال : كنا نفعله فنهينا عنه ، وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب ، وهذا دليل على نسخ الأول ومشروعية الثاني ، قال صاحب الطراز : فلو كان بيديه علة تثور عليه فوضعهما على ركبتيه ، أو قصر كثير لم يزد في الانحناء على تسوية ظهره ، أو قطعت إحداهما وضع الثانية على ركبته . وقال بعض الشافعية : على الركبتين .
nindex.php?page=treesubj&link=1534الرُّكْنُ الرَّابِعُ : الرُّكُوعُ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ انْحِنَاءُ الظَّهْرِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
أَلَيْسَ وَرَائِي إِنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتِي لُزُومُ عَصًا تَحْنِي عَلَيْهَا الْأَصَابِعُ أَخْبَرَ أَخْبَارَ الْقُرُونِ الَّتِي مَضَتْ
أَدَبٌ كَأَنِّي كُلَّمَا قُمْتُ رَاكِعُ
[ ص: 188 ] دَلِيلُ وُجُوبِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ) وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348552ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا . وَالْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ : أَقَلُّهُ أَنْ تَنَالَ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ أَوْ يَقْرُبَا مِنْهُمَا ، وَأَكْمَلُهُ اسْتِوَاءُ الظَّهْرِ وَالْعُنُقِ وَيَنْصِبُ رُكْبَتَيْهِ وَيَضَعُ كَفَّيْهِ عَلَيْهِمَا ، وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَا يُجَاوِزُ فِي الِانْحِنَاءِ الِاسْتِوَاءَ . وَفِي الرُّكْنِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ :
الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْكِتَابِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=1765عَجَزَ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ دُونَ الْقِيَامِ يُومِئُ قَائِمًا لِلرُّكُوعِ طَاقَتَهُ وَيَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ ، وَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ وَيَتَشَهَّدُ تَشَهُّدَيْهِ جَالِسًا ، وَإِلَّا صَلَّى صَلَاتَهُ كُلَّهَا قَائِمًا يُومِئُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ ، قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : وَاخْتُلِفَ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْإِيمَاءِ الطَّاقَةَ أَوْ يَأْتِي بِالْحَرَكَاتِ بَدَلًا عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ؟ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَالْأَوَّلُ
لِمَالِكٍ أَيْضًا وَ ( ش ) . وَجْهُ الْمَذْهَبِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُسَايَفَةِ وَصَلَاةِ النَّافِلَةِ ، وَهُمَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِمَا ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ لِلسُّجُودِ فَقِيَاسًا عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ .
الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى :
nindex.php?page=treesubj&link=22757الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا ، وَكَرِهَ
مَالِكٌ الدُّعَاءَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348553أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقِسِيِّ ، وَعَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ ، وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348554نُهِيْتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ .
[ ص: 189 ] قَاعِدَةٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=29711اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ خَلْقِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا تَنْفَعُهُ الطَّاعَةُ ، وَلَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةٌ لَكِنَّهُ أَمَرَنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ نُظْهِرَ الذُّلَّ وَالِانْقِيَادَ لِجَلَالِهِ فِي حَالَاتٍ جَرَتِ الْعَادَاتُ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ ، كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْأَوَامِرِ ، وَالْمُبَاعَدَةِ عَنِ النَّوَاهِي ، وَأَنْ نَتَأَدَّبَ مَعَهُ فِي الْحَالَاتِ الَّتِي تَقْتَضِي الْأَدَبَ عَادَةً وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348555اسْتَحْيِ مِنَ اللَّهِ كَمَا تَسْتَحْيِي مِنْ شَيْخٍ مِنْ صَالِحِي قَوْمِكَ . وَلَمَّا كَانَتِ الْعَادَةُ جَارِيَةٌ عِنْدَ الْأَمَاثِلِ وَالْمُلُوكِ بِتَقْدِيمِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنْهُمْ ; لِتَنْبَسِطَ نُفُوسُهُمْ لِإِنَالَتِهَا أَمَرَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِتَقْدِيمِ الثَّنَاءِ عَلَى الدُّعَاءِ ، كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=12467أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ :
أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ
إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِكَ الثَّنَاءُ
كَرِيمٌ لَا يُغَيِّرُهُ صَبَاحٌ عَنِ الْخُلُقِ الْجَمِيلِ وَلَا مَسَاءُ
فَيَكُونُ
nindex.php?page=treesubj&link=24992الدُّعَاءُ فِي السُّجُودِ لِوَجْهَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : لِهَذَا الْمَعْنَى ، وَالثَّانِي : أَنَّهُ غَايَةُ حَالَاتِ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ بِوَضْعِ أَشْرَفِ مَا فِي الْإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ رَأْسُهُ فِي التُّرَابِ فَيُوشِكُ أَنْ لَا يُرَدَّ عَنْ مَقْصِدِهِ وَأَنْ يَصِلَ إِلَى مَطْلَبِهِ .
فَائِدَةٌ :
مَعْنَى قَوْلِهِ فَقَمِنٌ أَيْ : أَوْلَى وَمِثْلُهُ قَمِينٍ وَحَرٍ وَحَرِيٍّ وَجَدِيرٍ ، وَمَعْنَاهَا
[ ص: 190 ] كُلُّهَا : أَوْلَى .
الثَّالِثُ : يَضَعُ كَفَّيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُطْبِقُ يَدَيْهِ وَيَضَعُهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ . لَنَا مَا فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=10348556قَالَ مُصْعَبُ بْنُ سَعِيدٍ : صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي فَطَبَّقْتُ بَيْنَ كَفَّيَّ ، ثُمَّ وَضَعْتُهُمَا بَيْنَ فَخِذَيَّ فَنَهَانِي ، وَقَالَ : كُنَّا نَفْعَلُهُ فَنُهِيْنَا عَنْهُ ، وَأُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْدِينَا عَلَى الرُّكَبِ ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْأَوَّلِ وَمَشْرُوعِيَّةِ الثَّانِي ، قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : فَلَوْ كَانَ بِيَدَيْهِ عِلَّةٌ تَثُورُ عَلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، أَوْ قِصَرٌ كَثِيرٌ لَمْ يَزِدْ فِي الِانْحِنَاءِ عَلَى تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ ، أَوْ قُطِعَتْ إِحْدَاهُمَا وَضَعَ الثَّانِيَةَ عَلَى رُكْبَتِهِ . وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ : عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ .