الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله (تعالى): فألقه إليهم ثم تول عنهم ؛ خمسة أوجه: " فألقهي إليهم " ؛ بإثبات الياء؛ وهو أكثر القراءة؛ ويجوز: " فألقه إليهم " ؛ بحذف الياء؛ وإثبات الكسرة؛ لأن أصله " فألقيه إليهم " ؛ فحذفت الياء للجزم؛ أعني ياء " ألقيه " ؛ ويجوز: " فألقهو إليهم " ؛ بإثبات الواو؛ ويجوز: " فألقه إليهم " ؛ بالضم؛ وحذفت الواو؛ وقد قرئ: " فألقه إليهم " ؛ بإسكان الهاء؛ فأما إثبات الياء فهو أجودها؛ " فألقهي " ؛ فإن الياء التي تسقط للجزم قد سقطت قبل الهاء؛ لأن الأصل " فألقيه إليهم " ؛ ومن حذف الياء وترك الكسرة بعد الهاء؛ فلأنه كان إذا أثبت الياء في قولك: " أنا ألقيه إليهم " ؛ كان الاختيار حذف الياء التي بعد الهاء؛ وقد شرحنا ذلك في قوله: يؤده إليك ؛ شرحا كافيا؛ ومن قرأ: " فألقهو إليهم " ؛ رده إلى أصله؛ والأصل إثبات الواو مع هاء الإضمار؛ تقول: " ألقيتهو إليك " ؛ ومعنى قولنا: " إثبات الواو والياء " ؛ أعني في اللفظ؛ ووصل الكلام؛ فإذا وقفت وقفت بهاء؛ وإذا كتبت كتبت [ ص: 117 ] بهاء؛ ومن قرأ بحذف الواو؛ وإثبات الضمة؛ فذلك مثل حذف الياء؛ وإثبات الكسرة؛ ومن أسكن الهاء فغالط؛ لأن الهاء ليست بمجزومة؛ ولها وجه من القياس؛ وهو أنه يجرى الهاء في الوصل على حالها في الوقف؛ وأكثر ما يقع هذا في الشعر أن تحذف هذه الهاء؛ وتبقى كسرة؛ قال الشاعر:

                                                                                                                                                                                                                                        فإن يك غثا أو سمينا فإنني ... سأجعل عينيه لنفسه مقنعا



                                                                                                                                                                                                                                        وقوله (تعالى): ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون ؛ فيه قولان؛ قال بعضهم: معناه التقديم والتأخير؛ معناه: " اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم " ؛ وقال هذا لأن رجوعه من عندهم؛ والتولي عنهم بعد أن ينظر ما الجواب؛ وهذا حسن؛ والتقديم والتأخير كثير في الكلام؛ وقالوا: معنى " ثم تول عنهم " : " تول عنهم مستترا من حيث لا يرونك؛ فانظر ماذا يردون من الجواب " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية