nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=28993_30478الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر
ويجوز أن يكون بدلا من ( من ) الموصولة في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=40من ينصره ) فيكون المراد : كل من نصر الدين من أجيال المسلمين . أي مكناهم بالنصر الموعود به إن نصروا دين الله . وعلى الاحتمالين فالكلام مسوق للتنبيه على الشكر على نعمة النصر بأن يأتوا بما أمر الله به من أصول الإسلام فإن بذلك دوام نصرهم ، وانتظام عقد جماعتهم ، والسلامة من اختلال أمرهم ، فإن حادوا عن ذلك فقد فرطوا في ضمان نصرهم وأمرهم إلى الله . فأما إقامة الصلاة فلدلالتها على القيام بالدين وتجديد لمفعوله في النفوس ، وأما إيتاء الزكاة فهو ليكون أفراد الأمة متقاربين في نظام معاشهم ، وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلتنفيذ قوانين الإسلام بين سائر الأمة من تلقاء أنفسهم .
والتمكين : التوثيق . وأصله إقرار الشيء في مكان وهو مستعمل هنا في التسليط والتمليك ، والأرض للجنس ، أي تسليطهم على شيء من الأرض فيكون ذلك شأنهم فيما هو ملكهم وما بسطت فيه أيديهم .
[ ص: 281 ] وقد تقدم قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=10ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش في سورة الأعراف ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=21وكذلك مكنا ليوسف في الأرض في سورة
يوسف : والمراد بالمعروف ما هو مقرر من شئون الدين : وإما بكونه معروفا للأمة كلها : وهو ما يعلم من الدين بالضرورة فيستوي في العلم بكونه من الدين سائر الأمة . وإما بكونه معروفا لطائفة منهم وهو دقائق الأحكام فيأمر به الذين من شأنهم أن يعلموه وهم العلماء على تفاوت مراتب العلم ومراتب علمائه .
والمنكر : ما شأنه أن ينكر في الدين ، أي أن لا يرضى بأنه من الدين . وذلك كل عمل يدخل في أمور الأمة والشريعة وهو مخالف لها فعلم أن المقصود بالمنكر الأعمال التي يراد إدخالها في شريعة المسلمين وهي مخالفة لها ، فلا يدخل في ذلك ما يفعله الناس في شئون عاداتهم مما هو في منطقة المباح ، ولا ما يفعلون في شئون دينهم مما هو من نوع الديانات كالأعمال المندرجة تحت كليات دينية ، والأعمال المشروعة بطريق القياس وقواعد الشريعة من مجالات الاجتهاد والتفقه في الدين .
والنهي عن المنكر آيل إلى
nindex.php?page=treesubj&link=24661الأمر بالمعروف وكذلك الأمر بالمعروف آيل إلى النهي عن المنكر وإنما جمعت الآية بينها باعتبار أول ما تتوجه إليه نفوس الناس عن مشاهدة الأعمال ، ولتكون معروفة دليلا على إنكار المنكر وبالعكس إذ بضدها تتمايز الأشياء ، ولم يزل من طرق النظر والحجاج الاستدلال بالنقائض والعكوس .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=28993_30478الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ ( مَنْ ) الْمَوْصُولَةِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=40مَنْ يَنْصُرُهُ ) فَيَكُونُ الْمُرَادُ : كُلَّ مَنْ نَصْرَ الدِّينَ مِنْ أَجْيَالِ الْمُسْلِمِينَ . أَيْ مَكَّنَّاهُمْ بِالنَّصْرِ الْمَوْعُودِ بِهِ إِنْ نَصَرُوا دِينَ اللَّهِ . وَعَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ فَالْكَلَامُ مَسُوقٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الشُّكْرِ عَلَى نِعْمَةِ النَّصْرِ بِأَنْ يَأْتُوا بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ بِذَلِكَ دَوَامَ نَصْرِهِمْ ، وَانْتِظَامَ عَقْدِ جَمَاعَتِهِمْ ، وَالسَّلَامَةَ مِنِ اخْتِلَالِ أَمْرِهِمْ ، فَإِنْ حَادُوا عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ فَرَّطُوا فِي ضَمَانِ نَصْرِهِمْ وَأَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ . فَأَمَّا إِقَامَةُ الصَّلَاةِ فَلِدَلَالَتِهَا عَلَى الْقِيَامِ بِالدِّينِ وَتَجْدِيدٍ لِمَفْعُولِهِ فِي النُّفُوسِ ، وَأَمَّا إِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَهُوَ لِيَكُونَ أَفْرَادُ الْأُمَّةِ مُتَقَارِبِينَ فِي نِظَامِ مَعَاشِهِمْ ، وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلِتَنْفِيذِ قَوَانِينِ الْإِسْلَامِ بَيْنَ سَائِرِ الْأُمَّةِ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ .
وَالتَّمْكِينُ : التَّوْثِيقُ . وَأَصْلُهُ إِقْرَارُ الشَّيْءِ فِي مَكَانٍ وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا فِي التَّسْلِيطِ وَالتَّمْلِيكِ ، وَالْأَرْضُ لِلْجِنْسِ ، أَيْ تَسْلِيطُهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ فَيَكُونُ ذَلِكَ شَأْنَهُمْ فِيمَا هُوَ مِلْكُهُمْ وَمَا بُسِطَتْ فِيهِ أَيْدِيهُمْ .
[ ص: 281 ] وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=10وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=21وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ فِي سُورَةِ
يُوسُفَ : وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرُوفِ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ شُئُونِ الدِّينِ : وَإِمَّا بِكَوْنِهِ مَعْرُوفًا لِلْأُمَّةِ كُلِّهَا : وَهُوَ مَا يُعْلَمُ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَيَسْتَوِي فِي الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ مِنَ الدِّينِ سَائِرُ الْأُمَّةِ . وَإِمَّا بِكَوْنِهِ مَعْرُوفًا لِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ وَهُوَ دَقَائِقُ الْأَحْكَامِ فَيَأْمُرُ بِهِ الَّذِينَ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يَعْلَمُوهُ وَهُمُ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَفَاوُتِ مَرَاتِبِ الْعِلْمِ وَمَرَاتِبِ عُلَمَائِهِ .
وَالْمُنْكَرُ : مَا شَأْنَهُ أَنْ يُنْكَرَ فِي الدِّينِ ، أَيْ أَنْ لَا يُرْضَى بِأَنَّهُ مِنَ الدِّينِ . وَذَلِكَ كُلُّ عَمَلٍ يَدْخُلُ فِي أُمُورِ الْأُمَّةِ وَالشَّرِيعَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لَهَا فَعُلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْمُنْكَرِ الْأَعْمَالُ الَّتِي يُرَادُ إِدْخَالُهَا فِي شَرِيعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لَهَا ، فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي شُئُونِ عَادَاتِهِمْ مِمَّا هُوَ فِي مِنْطَقَةِ الْمُبَاحِ ، وَلَا مَا يَفْعَلُونَ فِي شُئُونِ دِينِهِمْ مِمَّا هُوَ مِنْ نَوْعِ الدِّيَانَاتِ كَالْأَعْمَالِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَ كُلِّيَّاتٍ دِينِيَّةٍ ، وَالْأَعْمَالِ الْمَشْرُوعَةِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ وَقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ مِنْ مَجَالَاتِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ .
وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ آيِلٌ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=24661الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ آيِلٌ إِلَى النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِنَّمَا جَمَعَتِ الْآيَةُ بَيْنَهَا بِاعْتِبَارِ أَوَّلِ مَا تَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ نُفُوسُ النَّاسِ عَنْ مُشَاهَدَةِ الْأَعْمَالِ ، وَلِتَكُونَ مَعْرُوفَةً دَلِيلًا عَلَى إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَبِالْعَكْسِ إِذْ بِضِدِّهَا تَتَمَايَزُ الْأَشْيَاءُ ، وَلَمْ يَزَلْ مِنْ طُرُقِ النَّظَرِ وَالْحِجَاجِ الِاسْتِدْلَالُ بِالنَّقَائِضِ وَالْعُكُوسِ .