الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2079 - مسألة : فيمن أمر آخر بقطع يده أو بقتل ولده ، أو عبده أو بقتله نفسه : حدثنا عبد الله بن ربيع نا عبد الله بن محمد بن عثمان نا أحمد بن خالد نا علي بن عبد العزيز نا الحجاج بن المنهال نا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار قال : إن رجلا قال لعبد : اقطع أذني وأنت شريكي في الدية ففعل . فاختصموا إلى ابن الزبير فقامت البينة على قوله فأبطل ديته ; قال علي : قد أوجب الله تعالى في النفس الدية - إن أرادها ولي المقتول - على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          وأوجب الله تعالى أيضا كذلك دية الأصابع على ما ذكرنا قبل .

                                                                                                                                                                                          وحرم الله طاعة أحد من الناس في معصية الله تعالى - ، وقد ذكرنا كل ذلك بإسناده فيما سلف من ديواننا .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا أحمد بن محمد [ ص: 112 ] نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج نا قتيبة نا ليث - هو ابن سعد - عن عبيد الله - هو ابن عمر - عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره ، إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة }

                                                                                                                                                                                          وبه إلى مسلم نا محمد بن المثنى نا محمد بن جعفر غندر نا شعبة عن زبيد عن سعد بن عبيد عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إنما الطاعة في المعروف }

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فحرام على كل من أمر بمعصية أن يأتمر لها ، فإن فعل فهو فاسق عاص لله تعالى وليس له بذلك عذر .

                                                                                                                                                                                          وكذلك الآمر في نفسه بما لم يبح الله تعالى له فهو عاص لله تعالى فاسق ولا عذر للمأمور في طاعته ، بل الآمر والذي يؤمر سواء في ذلك ، فالواجب أن يجب للآمر إنسانا بقطع يد الآمر نفسه بغير حق ، أو بقتل عبده ، أو بقتل ابنه ، ما يجب له لو لم يأمر بذلك من القود أو الدية ، لأن وجود أمره بذلك باطل لا حكم له في الإباحة أصلا

                                                                                                                                                                                          وكذلك من أباح لآخر أن يقتله ففعل فلأولياء المقتول القود أو الدية .

                                                                                                                                                                                          وقد قال مالك : من أمر آخر بقتل عبده فقتله فلا شيء على المأمور .

                                                                                                                                                                                          وقال الشافعي : من أمر آخر بقطع يد الآمر فلا شيء على القاطع .

                                                                                                                                                                                          قال علي : وهذان القولان في غاية الفساد لما ذكرنا ، والعجب أنهم أصحاب قياس بزعمهم ، وهم لا يختلفون فيمن أمر إنسانا بأن يزني بأمة نفسه ففعل أن الحد عليه .

                                                                                                                                                                                          فإن قالوا : إن له بعد قطع يده ، وقتل أبيه ، وغلامه : أن يعفو وليس له أن يعفو بعد الزنى بأمته ؟ قيل لهم : إن وقت العفو لم يأت بعد ، فليس له أن يعفو ، وهم لا يختلفون فيمن قال : من قتل ابن عمي فلان بن فلان فقد عفوت عنه فقتله قاتل ، فإن له القود ، فبطل تنظيرهم - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية