الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ثم يخرج للسعي من باب الصفا فيرقاه ليرى البيت ، ويكبر ثلاثا ، ويقول ثلاثا : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده . ويدعو . قال بعضهم : ويرفع يديه ثم يمشي إلى العلم : قاله جماعة .

                                                                                                          وقال جماعة : قبله بنحو ستة أذرع وهو أظهر رمل ، قاله جماعة ، وقال جماعة : سعى سعيا شديدا ، وهو أظهر ( م 4 و 5 ) إلى العلم الآخر ، ثم يمشي [ ص: 505 ] فيرقى المروة ، يقول ما قال على الصفا ، ويجب استيعاب ما بينهما فقط ، فيلصق عقبه بأصلهما ، وتعتبر البداءة ثانيا بالمروة ، فينزل يمشي موضع مشيه ، ويسعى موضع سعيه ، إلى الصفا ، يفعله سبعا ، ذهابه سعية ، ورجوعه سعية ، فإن بدأ بالمروة سقط الشوط الأول . ولا ترقى امرأة ولا تسعى شديدا ، ولا يسن فيه اضطباع ، نص عليه ، ولا يجزئ قبل طواف ، نص عليه ، وعنه : بلى ، سهوا وجهلا ، وعنه : مطلقا ، ذكره في المذهب ، وعنه : مع دم ، ذكره القاضي . ومن شرطه النية ، قاله في المذهب والمحرر وزاد : وأن لا يقدمه على أشهر الحج ، وظاهر كلام [ ص: 506 ] الأكثر خلافهما ( م 6 ) وصرح به أبو الخطاب في الأخيرة وأنه لا يعرف منعه عن أحمد . ثم إن كان حاجا بقي محرما ، والمعتمر تستحب مبادرته وتقصيره ، نص عليه ، ليحلق للحج .

                                                                                                          وقال في المستوعب والترغيب : حلقه ، ويحل المتمتع بلا هدي ومع هدي . وعنه : أو تلبيد رأسه ، جزم به في الكافي : يحل إذا حج فيحرم به بعد طوافه وسعيه لعمرته ، ويحل يوم النحر منهما ، نص عليه . واحتج به القاضي وغيره على أنه لا يجوز نحره قبل يوم النحر ، وإلا لنحره وصار كمن لا هدي معه ، وقيل : يحل كمن لم يهد ، وهو مقتضى ما نقله يوسف بن موسى ، قاله القاضي ، وعنه : إن قدم قبل العشر فينحره قبله . ونقل يوسف بن موسى : وعليه هدي آخر .

                                                                                                          ويستحب لمحل بمكة متمتع ، ومكي الإحرام يوم التروية ، نص عليهما ، وقيل له أيضا : فالمكي يهل إذا رأى الهلال ؟ قال : كذا روي عن عمر . قال القاضي : فنص على أنه يهل قبل يوم التروية ، وفي الترغيب : يحرم متمتع يوم التروية فلو جاوزه لزمه دم الإساءة مع دم تمتع ، على الأصح . وفي الرعاية : يحرم يوم تروية أو عرفة ، فإن [ ص: 507 ] عبره فدم ولا يطوف بعده قبل خروجه ، نقله الأثرم ، اختاره الأكثر ، ونقل ابن منصور وأبو داود : لا يخرج حتى يودعه ، وطوافه بعد رجوعه من منى للحج ، جزم به في الواضح والكافي . وأطلق جماعة روايتين ، فعلى الأول لو أتى به وسعى بعده لم يجزئه . ثم يخرج إلى منى قبل الزوال فيصلي بها الظهر مع الإمام ثم [ إلى ] الفجر ، نص عليه ، ويبيت بها ، فإذا طلعت الشمس سار إلى نمرة فأقام بها إلى الزوال ، فيخطب الإمام يعلمهم المناسك ، ويقصر ، يفتتحها بالتكبير ، قاله في المستوعب والترغيب وغيرهما ، ولا خطبة في اليوم السابع بعد صلاة الظهر بمكة واختار الآجري : بلى يعلمهم ما يفعلونه يوم التروية ثم يجمع مع الإمام ولو منفردا ، نص عليه ، ويعجل ثم يأتي عرفة ، وكلها موقف إلا بطن عرنة ، ويستحب وقوفه عند الصخرات وجبل الرحمة واسمه إلال بوزن هلال ولا يشرع صعوده ( ع ) قاله شيخنا ، ويقف قبل القبلة راكبا ، وقيل : راجلا ، واختاره ابن عقيل وغيره ، كجميع المناسك والعبادات . قال : والنبي صلى الله عليه وسلم ركب في المناسك ليعلمهم ويروه ، فرؤيته عبادة ، وقيل : سواء ، ويتوجه تخريج الحج عليها .

                                                                                                          وفي الانتصار ومفردات أبي يعلى الصغير أفضلية المشي . وقاله عطاء وإسحاق وداود ، وهو ظاهر كلام ابن الجوزي في ( مثير الغرام الساكن ) فإنه [ ص: 508 ] ذكر الأخبار في ذلك وعن جماعة من العباد ، وأن الحسن بن علي حج خمس عشرة [ حجة ] ماشيا . وذكر غيره خمسا وعشرين ، والجنائب تقاد معه

                                                                                                          [ ص: 504 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 504 ] ( مسألة 4 ، 5 ) قوله : ثم يمشي إلى العلم ، قاله جماعة .

                                                                                                          وقال جماعة : قبله بنحو ستة أذرع وهو أظهر رمل ، قاله جماعة .

                                                                                                          وقال جماعة : يسعى سعيا شديدا ، وهو أظهر ، انتهى . ذكر مسألتين ، وله فيهما اختيار :

                                                                                                          ( المسألة الأولى 4 ) هل يمشي إلى العلم ثم يسعى ؟ أو يسعى قبله بنحو ستة أذرع ؟ ظاهر كلامه إطلاق الخلاف ، واختار الثاني ، وهو الصحيح .

                                                                                                          وقاله صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والتلخيص والشرح وغيرهم ، وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى ، والقول بأنه يسعى من العلم قاله الخرقي وصاحب المقنع والرعاية الصغرى والحاويين والفائق والمنور وتجريد العناية وغيرهم .

                                                                                                          [ ص: 505 ] المسألة الثانية 5 ) إذا وصل إلى العلم أو قبله بستة أذرع ، فهل يرمل ؟ أو يسعى سعيا شديدا ؟ ظاهر كلامه إطلاق الخلاف ، واختار هو الثاني ، وهو الصحيح ، وعليه جماهير الأصحاب ، قال الزركشي : عليه الأصحاب ( قلت ) : جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والهادي والتلخيص والمحرر والشرح والوجيز والفائق وغيرهم ، وقدمه في الرعايتين والحاويين . والقول الأول ظاهر كلام الخرقي ، وقد قال المصنف : إن جماعة قالوه .

                                                                                                          ( تنبيه ) : قوله : " ثم يمشي إلى العلم " كذا في النسخ ، ولعله ثم يمشي ، فإذا بلغ العلم ، وبه يستقيم الكلام ، ونبه عليه ابن نصر الله .

                                                                                                          ( مسألة 6 ) قوله : ومن شرط النية ، قاله في المذهب والمحرر . وظاهر كلام الأكثر خلافهما ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : الصواب ما قاله في المذهب والمحرر .

                                                                                                          وقاله أيضا في مسبوك الذهب والفائق ; لأنها عبادة قطعا ، وظاهر كلام الأكثر أن النية لا تشترط لذلك ، لعدم ذكرهم لها في شروط السعي ، وقد يجاب بأنهم لم [ ص: 506 ] يذكروها اعتمادا على أنها عبادة ، وكل عبادة لا بد لها من نية ، ولكن يعكر على ذلك كونهم ذكروا النية في شروط الطواف ، ولم يذكروها في شرط السعي . والله أعلم




                                                                                                          الخدمات العلمية