الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف [ ص: 417 ] وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون

                                                                                                                                                                                                                                        ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة روي عن ابن عباس أن سبب نزولها أنه أسلم عبد الله بن سلام وجماعة معه ، فقالت أحبار اليهود: ما آمن بمحمد إلا شرارنا ، فأنزل الله تعالى: ليسوا سواء إلى قوله: وأولئك من الصالحين أمة قائمة فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: عادلة ، وهو قول الحسن ، وابن جريج . والثاني: قائمة بطاعة الله ، وهو قول السدي. والثالث: يعني ثابتة على أمر الله تعالى ، وهو قول ابن عباس ، وقتادة ، والربيع. يتلون آيات الله آناء الليل فيه تأويلان: أحدهما: ساعات الليل ، وهو قول الحسن ، والربيع. والثاني: جوف الليل ، وهو قول السدي. واختلف في المراد بالتلاوة في هذا الوقت على قولين: أحدهما: صلاة العتمة ، وهو قول عبد الله بن مسعود. والثاني: صلاة المغرب والعشاء ، وهو قول الثوري. [ ص: 418 ]

                                                                                                                                                                                                                                        وهم يسجدون فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني سجود الصلاة. والثاني: يريد الصلاة لأن القراءة لا تكون في السجود ولا في الركوع ، وهذا قول الزجاج ، والفراء. والثالث: معناه يتلون آيات الله آناء الليل وهم مع ذلك يسجدون. مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته اختلفوا في سبب نزولها على قولين: أحدهما: أنها نزلت في أبي سفيان وأصحابه يوم بدر عند تظاهرهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني: أنها نزلت في نفقة المنافقين مع المؤمنين في حرب المشركين على جهة النفاق. وفي الصر تأويلان: أحدهما: هو البرد الشديد ، وهو قول ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والسدي . والثاني: أنه صوت لهب النار التي تكون في الريح ، وهو قول الزجاج ، وأصل الصر صوت من الصرير. أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فيه تأويلان: أحدهما: معناه أن ظلمهم اقتضى هلاك زرعهم. والثاني: يعني أنهم ظلموا أنفسهم بأن زرعوا في غير موضع الزرع وفي غير وقته فجاءت ريح فأهلكته فضرب الله تعالى هذا مثلا لهلاك نفقتهم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية