الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين وإنه لتذكرة للمتقين وإنا لنعلم أن منكم مكذبين وإنه لحسرة على الكافرين وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولو تقول علينا أي: لو تكلف محمد أن يقول علينا ما لم نقله "لأخذنا منه باليمين" أي: لأخذناه بالقوة والقدرة، قاله الفراء، والمبرد، والزجاج . قال ابن قتيبة: إنما أقام اليمين مقام القوة، لأن قوة كل شيء في ميامنه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ثم لقطعنا منه الوتين وهو عرق يجري في الظهر حتى يتصل بالقلب، فإذا انقطع بطلت القوى، ومات صاحبه . قال أبو عبيدة: الوتين: نياط القلب، وأنشد الشماخ:


                                                                                                                                                                                                                                      إذا بلغتني وحملت رحلي عرابة فاشرقي بدم الوتين



                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج: الوتين: عرق أبيض غليظ كأنه قصبة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 356 ] قوله تعالى: فما منكم من أحد عنه حاجزين أي: ليس منكم أحد يحجزنا عنه، وإنما قال تعالى: "حاجزين" لأن أحدا يقع على الجمع، كقوله تعالى: لا نفرق بين أحد من رسله [البقرة: 285]، هذا قول الفراء، وأبي عبيدة، والزجاج . ومعنى الكلام: أنه لا يتكلف الكذب لأجلكم مع علمه أنه لو تكلف ذلك لعاقبناه، ثم لم يقدر على دفع عقوبتنا عنه "وإنه" يعني: القرآن "لحسرة على الكافرين" في يوم القيامة . يندمون إذ لم يؤمنوا به "وإنه لحق اليقين" أضافه إلى نفسه لاختلاف اللفظين، كقوله تعالى: ولدار الآخرة [يوسف: 109] . وقال الزجاج: المعنى: وإنه لليقين حق اليقين، وقد شرحنا هذا المعنى، وما بعده في [الواقعة: 96: 95] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية