الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ياقوت الكاتب الموصلي ،
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      رحمه الله

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أمين الدين المشهور بطريقة ابن البواب . قال ابن الأثير : لم يكن في زمانه من يقاربه ، وكانت لديه فضائل جمة ، والناس متفقون على الثناء عليه ، وكان نعم الرجل ، وقد قال فيه نجيب الدين الواسطي قصيدة يمدحه بها :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      جامع شارد العلوم ولولا ه لكانت أم الفضائل ثكلى     ذو يراع تخاف زبيته الأس
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      د وتعنو له الكتائب ذلا [ ص: 109 ]     وإذا افتر ثغره عن سواد
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في بياض فالبيض والسمر خجلى     أنت بدر والكاتب ابن هلال
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كأبيه لا فخر فيمن تولى     إن يكن أولا فإنك بالتف
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ضيل أولى فقد سبقت وصلى

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      جلال الدين الحسن

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      من أولاد الحسن بن الصباح مقدم الإسماعيلية ، وكان قد أظهر في قومه شعائر الإسلام ، وحفظ الحدود والمحرمات والقيام فيها بالزواجر الشرعية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الصالح

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      شهاب الدين محمد بن خلف بن راجح المقدسي ،
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحنبلي الزاهد العابد الناسك ، كان يقرأ على الناس يوم الجمعة الحديث النبوي ، وهو جالس على أسفل منبر الخطابة بالجامع المظفري ، وقد سمع الحديث الكثير ورحل وحفظ مقامات الحريري في خمسين ليلة ، وكانت له فنون كثيرة ، وكان ظريفا مطبوعا ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      والخطيب موفق الدين ، أبو عبد الله عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل المقدسي ، خطيب بيت الآبار ، وقد ناب في دمشق عن الخطيب جمال الدين الدولعي حين سار في الرسلية إلى خوارزم شاه ، حتى عاد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      المحدث البارع تقي الدين أبو طاهر ، إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن [ ص: 110 ] بن الأنماطي ، قرأ الحديث ، ورحل وكتبه ، وكان حسن الخط متقنا في علوم الحديث ، حافظا له ، وكان الشيخ تقي الدين ابن الصلاح يثني عليه ويمدحه ، وكانت كتبه بالبيت الغربي من الكلاسة الذي كان للملك المحسن بن صلاح الدين ، ثم أخذ من ابن الأنماطي ، وسلم إلى الشيخ عبد الصمد الدكائي ، واستمر بيد أصحابه بعد ذلك ، وكانت وفاته بدمشق ، ودفن بمقابر الصوفية ، وصلى عليه بالجامع الشيخ موفق الدين ، وبباب النصر الشيخ فخر الدين بن عساكر ، وبالمقبرة قاضي القضاة جمال الدين المصري - رحمه الله تعالى - .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو الغيث شعيب بن أبي طاهر بن كليب ، بن مقبل الضرير الفقيه الشافعي ،
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أقام ببغداد إلى أن توفي ، وكانت لديه فضائل وله رسائل ، ومن شعره قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إذا كنتم للناس أهل سياسة     فسوسوا كرام الناس بالجود والبذل
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وسوسوا لئام الناس بالذل يصلحوا     عليه فإن الذل أصلح للنذل

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو العز مشرف بن علي ، بن أبي جعفر بن كامل الخالصي المقرئ الضرير الفقيه الشافعي ، تفقه بالنظامية ، وسمع الحديث ورواه ، وأنشد عن الحسن بن عمرو الحلبي :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 111 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تمثلتم لي والديار بعيدة     فخيل لي أن الفؤاد لكم معنى
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وناجاكم قلبي عن البعد بيننا     فأوحشتم لفظا وآنستم معنى

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو سليمان داود بن إبراهيم الجيلي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحد المعيدين بالمدرسة النظامية ، ومما أنشده :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أيا جامعا أمسك عنانك مقصرا     فإن مطايا الدهر تكبو وتقصر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ستقرع سنا أو تعض ندامة     يديك إذا خان الزمان وتبصر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ويلقاك رشد بعد غيك واعظ     ولكنه يلقاك والأمر مدبر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو المظفر عبد الودود بن محمود بن المبارك ، بن علي بن المبارك بن الحسن ، الواسطي الأصل البغدادي الدار والمولد ، كمال الدين المعروف والده بالمجير ، تفقه على أبيه ، وقرأ عليه علم الكلام ، ودرس بمدرسته عند باب الأزج ، ووكله الخليفة الناصر ، واشتهر بالديانة والأمانة ، وباشر مناصب كبارا ، وحج مرارا عديدة ، وكان متواضعا حسن الأخلاق ، وكان يقول :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وما تركت ست وستون حجة     لنا حجة أن نركب اللهو مركبا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان ينشد :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      العلم يأتي كل ذي     خفض ويأبى كل آبي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كالماء ينزل في الوها     د وليس يصعد في الروابي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية