الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب اللبس والتطيب . ( قال ) رضي الله عنه الأصل أن المتوفى عنها زوجها يلزمها الحداد في عدتها ، وفيه لغتان حداد وإحداد يقال أحدت المرأة تحد وحدت تحد وكلاهما لغة صحيحة وهذا لما روي أن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها لما أتاها خبر موت أبي سفيان رضي الله تعالى عنه دعت بطيب بعد ثلاثة أيام فأمسته عارضيها وقالت ما بي حاجة إلى الطيب ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا } { وقال صلى الله عليه وسلم للمرأة التي استأذنته في الاكتحال قد كانت إحداكن في الجاهلية } الحديث على ما روينا فأما المبتوتة وهي المختلعة والمطلقة ثلاثا أو تطليقة بائنة فعليها الحداد في عدتها عندنا وقال الشافعي رضي الله عنه لا حداد عليها لأن هذه العدة واجبة لتعرف براءة الرحم فلا حداد عليها كالمعتدة عن وطء بشبهة أو نكاح فاسد وهذا لأن الحداد على المتوفى عنها زوجها لإظهار التأسف على موت الزوج الذي وفى لها حتى فرق الموت بينهما وذلك غير موجود في حق المطلقة لأن الزوج جفاها وآثر غيرها عليها فإنما تظهر السرور بالتخلص منه دون التأسف .

( ولنا ) في ذلك حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى المعتدة أن تختضب بالحناء } فإن الحناء طيب وهذا عام في كل معتدة ولأنها معتدة من نكاح صحيح فهي كالمتوفى عنها زوجها وتأثيره أن الحداد إظهار التأسف على فوت نعمة النكاح والوطء الحلال بسببه وذلك [ ص: 59 ] موجود في المبتوتة كوجوده في المتوفى عنها زوجها وعين الزوج ما كان مقصودا لها حتى يكون التحزن بفواته بل كان مقصودها ما ذكرنا من النعمة وذلك يفوتها في الطلاق والوفاة بصفة واحدة بخلاف العدة من نكاح فاسد والوطء بشبهة لأنه ما فاتها نعمة بل تخلصت من الحرام بالتفريق بينهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية