الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2689 ) مسألة : قال : ( ولو اشترك جماعة في قتل صيد ، فعليهم جزاء واحد ) يروى عن أحمد في هذه المسألة ثلاث روايات ; إحداهن ، أن الواجب جزاء واحد . وهو الصحيح . ويروى هذا عن عمر بن الخطاب ، وابن عباس ، وابن عمر رضي الله عنهم وبه قال عطاء ، والزهري ، والنخعي ، والشعبي ، والشافعي ، وإسحاق .

                                                                                                                                            والثانية ، على كل واحد جزاء . رواهما ابن أبي موسى . واختارها أبو بكر . وبه قال مالك ، والثوري ، وأبو حنيفة . ويروى عن الحسن ; لأنها كفارة قتل يدخلها الصوم ، أشبهت كفارة قتل الآدمي . والثالثة ، إن كان صوما صام كل واحد صوما تاما ، وإن كان غير ذلك فجزاء واحد ، وإن كان أحدهما هدي والآخر صوم ، فعلى المهدي بحصته ، وعلى الآخر صوم تام ; لأن الجزاء ليس بكفارة ، وإنما هو بدل ، بدليل أن الله تعالى عطف عليه الكفارة ، فقال الله تعالى { : فجزاء مثل ما قتل من النعم } . والصوم كفارة ، ككفارة قتل الآدمي .

                                                                                                                                            ولنا ، قول الله تعالى { : فجزاء مثل ما قتل من النعم } . والجماعة قد قتلوا صيدا ، فيلزمهم مثله ، والزائد خارج عن المثل ، فلا يجب ، ومتى ثبت اتخاذ الجزاء في الهدي ، وجب اتخاذه في الصيام ; لأن الله تعالى قال { : أو عدل ذلك صياما } . والاتفاق حاصل أنه معدول بالقيمة ، إما قيمة المتلف ، وإما قيمة مثله ، فإيجاب الزائد على عدل القيمة خلاف النص ، وأيضا ما روي عمن سمينا من الصحابة أنهم قالوا كمذهبنا ، ولأنه جزاء عن مقتول يختلف باختلافه ، فكان واحدا ، كالدية ، أو كما لو كان القاتل واحدا ، أو بدل المحل ، فاتحدت [ ص: 278 ] باتحاده الدية ، وكفارة الآدمي لنا فيها منع ، ولا يتبعض في أبعاضه ، ولا يختلف باختلافه ، فلا يتبعض على الجماعة ، بخلاف مسألتنا .

                                                                                                                                            ( 2690 ) فصل : فإن كان شريك المحرم حلالا أو سبعا ، فلا شيء على الحلال ، ويحكم على الحرام . ثم إن كان جرح أحدهما قبل صاحبه ، والسابق الحلال أو السبع ، فعلى المحرم جزاؤه مجروحا ، وإن كان السابق المحرم ، فعليه جزاء جرحه ، على ما مضى ، وإن كان جرحهما في حال واحدة ، ففيه وجهان ; أحدهما ، على المحرم بقسطه ، كما لو كان شريكه محرما ; لأنه إنما أتلف البعض . والثاني ، عليه جزاء جميعه ; لأنه تعذر إيجاب الجزاء على شريكه ، فأشبه ما لو كان أحدهما دالا والآخر مدلولا ، أو أحدهما ممسكا والآخر قاتلا ، فإن الجزاء على المحرم أيهما كان ، لتعذر إيجاب الجزاء على الآخر .

                                                                                                                                            ( 2691 ) فصل : وإن اشترك حرام وحلال في صيد حرمي ، فالجزاء بينهما نصفين ; لأن الإتلاف ينسب إلى كل واحد منهما نصفه ، ولا يزداد الواجب على المحرم باجتماع حرمة الإحرام والحرم ، فيكون الواجب على كل واحد منهما النصف ، وهذا الاشتراك الذي هذا حكمه هو الذي يقع به الفعل منهما معا ، فإن سبق أحدهما صاحبه ، فحكمه ما ذكرناه فيما ما مضى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية