الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2092 - مسألة : مقاتلة من مر أمام المصلي ؟ قال علي : من أراد المرور أمام المصلي إلى سترة أو غير سترة ، فأراد إنسان أن يمر بينه وبين سترته ، أو بين يديه ، وإن لم يكن إلى سترة فليدفعه ، فإن اندفع وإلا فليقاتله ، فإن دفعه فوافقت منية المريد للمرور فدمه هدر ، ولا شيء فيه ، لا قود ، ولا دية ، ولا كفارة ، وكذا إن كسر له عضو ولا فرق ، فإن وافق في ذلك منية المصلي : ففيه القود ، أو الدية أو المفاداة .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك : ما رويناه من طريق أبي داود نا موسى بن إسماعيل نا سليمان - هو ابن المغيرة - عن حميد قال : قال أبو صالح : أحدثك عما رأيت من أبي سعيد ، وسمعته منه : دخل أبو سعيد على مروان فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { إذا صلى أحدكم إلى ما يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره ، فإن أبى فليقاتله ، فإنما هو شيطان . }

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق أحمد بن شعيب أنا محمد بن محمد بن مصعب الصوري نا محمد بن المبارك - هو الصوري - نا عبد العزيز بن محمد - هو الدراوردي - عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري : أنه كان يصلي فأراد ابن لمروان أن يمر بين يديه فدرأه فلم يرجع ، فضربه ، [ ص: 155 ] فخرج الغلام يبكي حتى أتى مروان فأخبره ؟ فقال مروان لأبي سعيد : لم ضربت ابن أخيك ؟ قال : ما ضربته ، إنما ضربت الشيطان ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { إذا كان أحدكم في صلاته فأراد إنسان أن يمر بين يديه فيدرؤه ما استطاع فإن أبى فليقاتله ، فإنما هو شيطان } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين } .

                                                                                                                                                                                          ومن قاتل كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو محسن ، قال الله تعالى { ما على المحسنين من سبيل } ، فإذ هو محسن فليس متعديا ، وإذ ليس متعديا فلا قود عليه ولا دية .

                                                                                                                                                                                          وليس قاتل خطأ فتكون عليه كفارة ، فلو أمكنه دفعه فعمد قتله أقيد به ، لأنه معتد حينئذ بما لم يؤمر - وأما المار بين يدي المصلي فمعتد بالمرور معتد بالمقاتلة ، فعليه القود - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية