الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحمد بن محمد بن علي القادسي الضرير الحنبلي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      والد صاحب " الذيل على تاريخ ابن الجوزي " ، القادسي هذا يلازم حضور مجلس الشيخ أبي الفرج بن الجوزي ويزهره; لما يسمعه من الغرائب ، ويقول : والله إن ذا مليح ، فاستقرض منه الشيخ مرة عشرة دنانير ، فلم يعطه ، وصار يحضر ولا يتكلم ، فقال الشيخ مرة : هذا القادسي لا يقرضنا شيئا ، ولا يقول : والله إن ذا مليح . رحمهم الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد طلب القادسي مرة إلى دار المستضيء ليصلي بالخليفة التراويح ، فقيل له والخليفة يسمع : ما مذهبك؟ فقال : حنبلي . فقيل له : لا تصل بدار الخلافة وأنت حنبلي . فقال : أنا حنبلي ، ولا أصلي [ ص: 130 ] بكم . فقال الخليفة : اتركوه ، لا يصلي بنا إلا هو . فصلى بهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو الكرم المظفر بن المبارك ، بن أحمد بن محمد البغدادي الحنفي ، شيخ مشهد أبي حنيفة وغيره ، ولي الحسبة بالجانب الغربي من بغداد ، وكان فاضلا دينا شاعرا ، ومن شعره قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فصن بجميل الصبر نفسك واغتنم شريف المزايا لا يفتك ثوابها     تعش سالما والقول فيك مهذب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كريما وقد هانت عليك صعابها     وتندرج الأيام والكل ذاهب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يمر ويفني عذبها وعذابها     وما الدهر إلا مر يوم وليلة
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وما العمر إلا طيها وذهابها     وما الحزم إلا في إخاء عزيمة
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فنيل المعالي صفوها ولبابها     ودع عنك أحلام الأماني فإنه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سيسفر يوما غيها وصوابها

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن أبي الفرج معالي بن بركة ، الشيخ فخر الدين أبو المعالي [ ص: 131 ] الموصلي ، قدم بغداد ، واشتغل بالنظامية ، وأعاد بها ، وكانت له معرفة بالقراءات ، وصنف كتابا في مخارج الحروف ، وأسند الحديث ، وله شعر لطيف .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو بكر بن حلبة الموازيني البغدادي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان فردا في علم الهندسة وصناعة الموازين ، يخترع أشياء عجيبة ، من ذلك أنه ثقب حبة خشخاش سبعة ثقوب ، وجعل في كل ثقب شعرة ، وكان له حظوة عند الدولة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحمد بن جعفر بن أحمد بن محمد أبو العباس الدبيثي البيع الواسطي ، شيخ أديب فاضل ، له نظم ونثر ، عارف بالأخبار والسير ، وعنده كتب جيدة كثيرة ، وله شرح قصيدة لأبي العلاء المعري في ثلاثة مجلدات ، وقد أورد له ابن الساعي شعرا حسنا فصيحا حلوا ، لذيذا في السمع ، لطيفا في القلب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية