الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1251 [ ص: 595 ] 50 - باب: حمل الرجال الجنازة دون النساء

                                                                                                                                                                                                                              1314 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا الليث ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه أنه سمع أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت : قدموني . وإن كانت غير صالحة قالت : يا ويلها ، أين يذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ، ولو سمعه صعق " . [1316 ، 1380 - فتح: 3 \ 181]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي سعيد : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت : قدموني . . " الحديث . وترجم عليه باب : قول الميت على الجنازة : قدموني وهو من أفراده ، وخرجه أيضا في باب كلام الميت على الجنازة ، ووجه مناسبته للترجمة قوله : ( "واحتملها الرجال " ) فإن النساء يضعفن عن ذلك ولو كان الميت أنثى ، وربما انكشف منها شيء بسببه .

                                                                                                                                                                                                                              إذا عرفت ذلك فالكلام عليه من أوجه :

                                                                                                                                                                                                                              أحدها : قوله : ( "إذا وضعت " ) الظاهر أن المراد : وضعها على أعناقهم ، ويحتمل أن يريد الوضع على السرير ، وسئل في "المدونة " : من أي جوانب السرير أحمل ، وبأيها أبدأ ؟ فقال : ليس فيه شيء مؤقت ، ورأيته يرى الذي يذكر الناس تبدأ باليمين بدعة .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن مسعود : حمل الأربع هي السنة ، وبه قال أشهب وابن [ ص: 596 ] حبيب . واختلف في صفة الحمل فقال أشهب : يبدأ بالمقدم الأيمن من الجانب الأيمن ، ثم المؤخر -يريد الأيمن- ثم المقدم الأيسر ، ثم يختم بالمؤخر الأيسر . وقال ابن حبيب : يبدأ بيمين الميت -وهو يسار السرير المقدم- ثم الرجل اليمنى من الميت ، ثم الرجل اليسرى ، ثم يختم بالمقدم الأيمن وهو يسار الميت .

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها : قوله : ( "فإن كانت صالحة قالت : قدموني " ) . وذلك أن تأخيرها لا فائدة فيه ، وفي تعجيلها ستر لها ، ومبادرة لغيرها .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (وإن كانت غير صالحة قالت : يا ويلها " ) وفي الرواية الأخرى : "قالت لأهلها يا ويلها " . وهي كلمة تقولها العرب عند الشر تقع فيه ، وتقول ذلك لغيره ، وويحك ، وويك وويل ومعناهن واحد . وقيل : الويل : واد في جهنم . والمتكلم بذلك الروح ، ويجوز أن يرده الله تعالى إليه ، فإنما يسمع الروح من هو مثله ويجانسه ، وهم الملائكة والجن .

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى ( "صعق " ) : مات . والمراد : يسمعها كل شيء مميز ، وهم الملائكة والجن ، وإن روي أن البهائم تسمعها . وقد بين - عليه السلام - المعنى الذي من أجله منع الإنسان أن يسمعها ، وهو أنه كان يصعق لو سمعها ، فأراد الله تعالى الإبقاء على عباده ، والرفق بهم في الدنيا لتعمر ، ويقع فيها البلوى والاختبار .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية