الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 528 ] وأركان العمرة : الطواف .

                                                                                                          وفي إحرامها ، وإحرامها من ميقاتها والسعي والحلق أو التقصير الخلاف في الحج ، وفي الفصول : السعي فيها ركن ، بخلاف الحج ; لأنها أحد النسكين ، فلا يتم إلا بركنين ، كالحج .

                                                                                                          ولا يكره الاعتمار في السنة أكثر من مرة [ م ] ويكره الإكثار والموالاة بينها باتفاق السلف ، اختاره الشيخ وغيره ، قال أحمد : إن شاء كل شهر ، وقال : لا بد يحلق أو يقصر ، وفي عشرة أيام يمكن ، واستحبه جماعة .

                                                                                                          ومن كره أطلق ، ويتوجه أن مراده إذا عوض بالطواف ، وإلا لم يكره ، خلافا لشيخنا ، وفي الفصول : له أن يعتمر في السنة ما شاء .

                                                                                                          ويستحب تكرارها في رمضان ; لأنها تعدل حجة ، للخبر ، وكره شيخنا الخروج من مكة لعمرة تطوع ، وأنه بدعة ; لأنه لم يفعله عليه السلام هو ولا صحابي على عهده إلا عائشة ، لا في رمضان ولا غيره ، اتفاقا .

                                                                                                          ولم يأمر عائشة ، بل أذن لها بعد المراجعة لتطييب قلبها ، قال : وطوافه ، ولا يخرج أفضل ، اتفاقا .

                                                                                                          وخروجه عند من لم يكرهه على سبيل الجواز ، كذا قال .

                                                                                                          وذكر أحمد في رواية صالح أن من الناس من يختارها على الطواف ، ويحتج باعتمار عائشة .

                                                                                                          ومنهم من يختار . [ ص: 529 ] الطواف وهي أفضل في رمضان ، قال أحمد : هي فيه تعدل حجة ، قال : وهي حج أصغر .

                                                                                                          قال شيخنا : قوله عليه السلام { من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه } يدخل فيه بإحرام العمرة ; ولهذا أنكر أحمد على من قال : إن حجة التمتع حجة مكية ، نقله الأثرم ، وهي عند أحمد بعض حجة الكامل ، بدليل صومها .

                                                                                                          فمن ترك ركنا أو النية لم يصح نسكه ومن ترك واجبا ولو سهوا جبره بدم ، فإن عدمه فكصوم المتعة والإطعام عنه .

                                                                                                          وفي الخلاف وغيره : الحلق والتقصير لا ينوب عنه ولا يتحلل إلا به ، على الأصح .

                                                                                                          ومن ترك سنة فهدر ، قال في الفصول وغيره : ولم يشرع الدم عنها ; لأن جبران الصلاة أدخل ، فيتعدى إلى صلاته من صلاة غيره .

                                                                                                          وتكره تسمية من لم يحج صرورة ، لقوله عليه السلام { لا ضرورة في الإسلام } : و ; لأنه اسم جاهلي .

                                                                                                          وأن يقال : حجة الوداع ; لأنه اسم على أن لا يعود ، قال : وأن يقال : شوط بل طوفة وطوفتان .

                                                                                                          وقال في فنونه : إنه لما حج صلى بين عمودي البيت إلى أربع جهات . [ ص: 530 ] لتكون الموافقة داخلة .

                                                                                                          وسلم على قبور الأنبياء كآدم وغيره ، لما روي .

                                                                                                          إن بمكة ألوفا من الأنبياء ولم يرجم قبر أبي لهب ، لما علم من كراهة النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في حق أهله ، ونزل عن الظهر منذ لاحت مكة ، احتراما وإعظاما لها ، واختفى في الطواف عن الناس وأبعد عنهم ، ولم يملأ عينيه منها ، ولم يشتغل بذاتها ، بل باستحضار الشرف ، ولما تعلق بستورها تعلق بالعتيق ، لطول ملامسته لها ، وأذن في الحرم مدى صوته ، وأكثر المشي فيه والصلاة ، ليصادف بقعة فيها أثر الصالحين ، ولم يدع بسعة الرزق بل بالصلاح ، وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم عن الأصحاب واعتذر لهم بالعجز عن النهضة ، ونزل في الروضة وصلى في موضع المحراب الأول ، وتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء ، وأشار إلى قبره حينئذ ، ولم يعظ في الحرم ، لاغتنام الأوقات .

                                                                                                          وليس من تمام الحج ضرب الجمالين ، خلافا للأعمش ، وحمل ابن حزم قوله على الفسقة منهم ، ويتوجه أن يمشي ناويا بذلك الإحسان إلى الدابة وصاحبها ، وأنه في سبيل الله .

                                                                                                          وقد كان ابن المبارك يمشي كثيرا ، فسأله رجل : لم تمشي ؟ فلم يرد أن يخبره ، فقبض على كمه وقال : لا أدعك حتى تخبرني ، قال : فدعني حتى أخبرك . فقال : أليس يقال في حسن الصحبة ؟ قلت : بلى ، قال : فإن هذا من حسن الصحبة مع الجمال ، أليس يقال : من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار ؟ قلت : بلى ، قال : هذا في سبيل الله . [ ص: 531 ] ونحن نمشي فيه ، أليس يقال : : إدخال السرور على المسلم صدقة ؟ قلت : بلى ، قال : فإن هذا الجمال كلما مشينا سره قلت : بلى . قال السائل : هذا أحب إلي من ألف درهم رواه الحاكم في تاريخه .

                                                                                                          ويعتبر في ولاية تسيير الحجيج كونه مطاعا ذا رأي وشجاعة وهداية ، وعليه جمعهم وترتيبهم وحراستهم في المسير والنزول والرفق بهم والنصح ، ويلزمهم طاعته في ذلك ، ويصلح بين الخصمين ، ولا يحكم إلا أن يفوض إليه ، فيعتبر كونه من أهله .

                                                                                                          وقال الآجري : يلزمه علم خطب الحج والعمل بها .

                                                                                                          قال شيخنا : ومن جرد معهم وجمع له من الجند المقطعين ما يعينه على كلفة الطريق أبيح له ، ولا ينقص أجره ، وله أجر الحج والجهاد وهذا كأخذ بعض الأقطاع ليصرفه في المصالح ، وليس في هذا خلاف ، ويلزم المعطي بذل ما أمر به .

                                                                                                          وشهر السلاح عند قدوم تبوك بدعة ، زاد شيخنا : محرمة ، قال : وما يذكره الجهال في حصار تبوك كذب ، فلم يكن بها حصن ولا مقاتلة ، وإن مغازي النبي صلى الله عليه وسلم كانت بضعا وعشرين لم يقاتل فيها إلا في تسع : بدر ، وأحد ، والخندق ، وبني المصطلق ، والغابة ، وفتح خيبر ، وفتح مكة ، وحنين والطائف . .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية