الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2703 ) مسألة ; قال : ( وإن كان عبدا ، لم يكن له أن يذبح ، وكان عليه أن يصوم عن كل مد من قيمة الشاة يوما ، ثم يقصر ويحل ) يعني أن العبد لا يلزمه هدي ; لأنه لا مال له ، فهو عاجز عن الهدي ، فلم يلزمه كالمعسر . وظاهر كلام الخرقي أنه لو أذن له سيده في الهدي لم يكن له أن يهدي ، ولا يجزئه إلا الصيام وهذا قول الثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي . ذكره ابن المنذر عنهم في الصيد . وعلى قياس هذا كل دم لزمه في الإحرام لا يجزئه عنه إلا الصيام .

                                                                                                                                            وقال غير الخرقي : إن ملكه السيد هديا ، وأذن له في ذبحه خرج على الروايتين . إن قلنا : إن العبد يملك بالتمليك . لزمه [ ص: 282 ] أن يهدي ، ويجزئ عنه ; لأنه قادر على الهدي ، مالك له ، فلزمه كالحر .

                                                                                                                                            وإن قلنا : لا يملك . لم يجزئه إلا الصيام ; لأنه ليس بمالك ، ولا سبيل له إلى الملك ، فصار كالمعسر الذي لا يقدر على غير الصيام . وإذا صام فإنه يصوم عن كل مد من قيمة الشاة يوما . وينبغي أن يخرج فيه من الخلاف ما ذكرناه في الصيد ، ومتى بقي من قيمتها أقل من مد صام عنه يوما كاملا ; لأن الصوم لا يتبعض ، فيجب تكميله ، كمن نذر أن يصوم يوم يقدم فلان فقدم في بعض النهار ، لزمه صوم يوم كامل ، والأولى أن يكون الواجب من الصوم عشرة أيام ، كصوم المتعة ، كما جاء في حديث عمر أنه قال لهبار بن الأسود : فإن وجدت سعة فأهد ، فإن لم تجد سعة ، فصم ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة إذا رجعت ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                            وروى الشافعي ، في " مسنده " عن ابن عمر مثل ذلك . وأحمد ذهب إلى حديث عمر ، واحتج به ; لأنه صوم وجب لحله من إحرامه قبل إتمامه ، فكان عشرة أيام كصوم المحرم . والمعسر في الصوم كالعبد ، ولذلك قال عمر لهبار بن الأسود : إن وجدت سعة فأهد ، فإن لم تجد فصم . ويعتبر اليسار والإعسار في زمن الوجوب ، وهو في سنة القضاء إن قلنا بوجوبه ، أو في سنة الفوات إن قلنا لا يجب القضاء .

                                                                                                                                            وقول الخرقي : " ثم يقصر ويحل " . يريد أن العبد لا يحلق هاهنا ، ولا في موضع آخر ; لأن الحلق إزالة الشعر الذي يزيد في قيمته وماليته ، وهو ملك لسيده ، ولم يتعين إزالته ، فلم يكن له إزالته . كغير حالة الإحرام . وإن أذن له السيد في الحلق جاز ; لأنه إنما منع منه لحقه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية