الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل .

                                                                                                                                                                                                                                      سبب نزولها: أن امرأ القيس بن عابس ، وعبدان الحضرمي ، اختصما في أرض ، وكان عبدان هو الطالب ولا بينة له ، فأراد امرؤ القيس أن يحلف ، فقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا [ آل عمران: 77 ] . فكره أن يحلف ، ولم يخاصم في الأرض ، فنزلت هذه الآية . هذا قول جماعة ، منهم سعيد بن جبير . ومعنى الآية: لا يأكل بعضكم أموال بعض ، كقوله: فاقتلوا أنفسكم قال القاضي أبو يعلى: والباطل على وجهين أحدهما: أن يأخذه بغير طيب نفس من مالكه ، كالسرقة ، والغصب ، والخيانة . والثاني: أن يأخذه بطيب نفسه ، كالقمار ، والغناء ، وثمن الخمر ، وقال الزجاج: الباطل: الظلم . "وتدلوا" أصله في اللغة من: أدليت الدلو: إذا أرسلتها لتملأها ، ودلوتها: إذا أخرجتها . ومعنى أدلى فلان بحجته: أرسلها ، وأتى بها على صحة . فمعنى الكلام: تعملون على ما يوجبه إدلاء الحجة ، وتخونون في الأمانة ، وأنتم تعلمون أن الحجة عليكم في الباطن .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي ها "بها" قولان . أحدهما: أنها ترجع إلى الأموال ، كأنه قال: لا تصانعوا ببعضها جورة الحكام . والثاني: أنها ترجع إلى الخصومة ، فإن قيل: كيف أعاد ذكر [ ص: 195 ] الأكل فقال: "ولا تأكلوا" "لتأكلوا" فالجواب: أنه وصل اللفظة الأولى بالباطل ، والثانية بالإثم ، فأعادها للزيادة في المعنى ، ذكره ابن الأنباري .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية