الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          إن الدين عند الله الإسلام

                                                          في هذا النص الكريم قراءتان: قراءة بفتح همزة " أن " ، وقراءة بكسر همزة " إن " وعلى القراءة الأولى يكون سياق النص [ ص: 1148 ] الكريم هكذا: شهد الله أنه لا إله إلا هو شهد أن الدين عند الله الإسلام، فيكون قوله تعالى: إن الدين عند الله الإسلام في موضع البدل أو عطف البيان من قوله تعالى: أنه لا إله إلا هو وينتهي ذلك إلى أن معنى " لا إله إلا الله " هو الإسلام ، وأن الله يشهد بالإسلام وقد أقام الأدلة على صحته، وأنه دينه الذي ارتضاه، وشهد بذلك الملائكة الأطهار بما أخبرهم به رب العالمين، وشهد به أولو العلم بما استنبطوه، فهو دين العقل، ودين الإخلاص، ودين الله. هذا على قراءة الفتح، أما قراءة الكسر؛ فإن الكلام يكون مستأنفا مقررا لمعاني الآية السابقة وما اشتملت عليه من معاني الألوهية والعبودية والربوبية وعزة الله وحكمته؛ لأن دين الإسلام يقتضي الإيمان بكل هذا، فكأن سائلا سأل: ما هو الدين الذي يقرر هذه الحقائق؛ فقال سبحانه: إن الدين عند الله الإسلام، وكلمة الدين تطلق بمعنى الجزاء، وبمعنى الطاعة والعبادة، وبمعنى مجموعة التكليفات، وإني أميل إلى المعنى الثاني، وهو أن يكون الدين هنا بمعنى الطاعة والعبادة، والمعنى على ذلك: أن الطاعة والعبادة التي يقبلها الله هي الإسلام، والإسلام هو الإذعان المطلق لله سبحانه وتعالى، والإخلاص لله سبحانه وتعالى، وعدم الاستكبار على الحق في أي ناحية من نواحيه، وعلى ذلك يكون الإسلام هنا مكونا من عنصرين: الإخلاص لله سبحانه وتعالى، والخضوع لذات الله وحده لا لأحد سواه. وقد يؤيد هذا المعنى قول الله تعالى بعد ذلك:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية