الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 148 ] ( وإن اختلفا ) في المهر ( ففي أصله ) حلف منكر التسمية ، فإن نكل ثبت ، وإن حلف ( يجب مهر المثل ) وفي المهر يحلف ( إجماعا ، و ) إن اختلفا ( وفي قدره حال قيام النكاح فالقول لمن شهد له مهر المثل ) بيمينه ( وأي أقام بينة قبلت ) سواء ( شهد مهر المثل له ، أو لها ، أو لا ولا ، وإن أقاما البينة فبينتها ) مقدمة [ ص: 149 ] ( إن شهد مهر المثل له ، وبينته ) مقدمة ( إن شهد ) مهر المثل ( لها ) لأن البينات لإثبات خلاف الظاهر ( وإن كان مهر المثل بينهما تحالفا ، فإن حلفا أو برهنا قضي به ، وإن برهن أحدهما قبل برهانه ) لأنه نور دعواه .

التالي السابق


مطلب مسائل الاختلاف في المهر

( قوله وإن اختلفا في المهر ) قال في الفتح : الاختلاف في المهر إما في قدره أو في أصله ، وكل منهما في حال الحياة أو بعد موتهما أو موت أحدهما ، وكل منهما إما بعد الدخول أو قبله ( قوله ففي أصله ) بأن ادعى أحدهما التسمية وأنكر الآخر ( قوله حلف ) أي بعد عجز المدعي عن البرهان ، ولم يتعرض الشارحون للتحليف لظهوره كما في البحر ( قوله يجب مهر المثل ) قال في البحر : ظاهر أنه يجب بالغا ما بلغ ، وليس كذلك ، بل لا يزاد على ما ادعته المرأة لو هي المدعية للتسمية ، ولا ينقص عما ادعاه الزوج لو هو المدعي لها كما أشار إليه في البدائع . ا هـ . قلت : هذا يظهر لو سمى المدعي شيئا وإلا فلا تأمل . ثم هذا مقيد بما إذا كان الاختلاف قبل الطلاق مطلقا أو بعده وبعد الدخول أو الخلوة أما لو طلقها قبل الدخول والخلوة فالواجب المتعة كما في البحر ، ولم يتعرض له هنا لانفهامه من قوله الآتي وفي الطلاق قبل الوطء حكم متعة المثل ( قوله وفي المهر يحلف إجماعا ) إشارة إلى الرد على صدر الشريعة حيث قال ينبغي أن لا يحلف المنكر عند أبي حنيفة لأنه لا تحليف عنده في النكاح فيجب مهر المثل . وقال في البحر : وفيه نظر لأن التحليف هنا على المال لا على أصل النكاح فيتعين أن يحلف منكر التسمية إجماعا ا هـ وكذا اعترضه صاحب الدرر وابن الكمال ونسبه إلى الوهم ( قوله إجماعا ) قيد لقوله يجب ولقوله يحلف ( قوله وإن اختلفا في قدره ) أي نقدا كان أو مكيلا أو موزونا ، وهو دين موصوف في الذمة أو عين . وقيد بالقدر لأنه لو كان في جنسه كالعبد والجارية أو صفته من الجودة والرداءة أو نوعه كالتركي والرومي ; فإن كان المسمى عينا فالقول وإن كان دينا فهو كالاختلاف في الأصل ، وتمامه في البحر ( قوله حال قيام النكاح ) أي قبل الدخول أو بعده ، وكذا بعد الطلاق والدخول رحمتي ، وأما بعد الطلاق قبل الدخول فيأتي ( قوله فالقول لمن شهد له مهر المثل ) أي فيكون القول لها إن كان مهر مثلها كما قالت أو أكثر ، وله إن كان كما قال أو أقل ، وإن كان بينهما أي أكثر مما قال وأقل مما قالت ولا بينة تحالفا ولزم مهر المثل كذا في الملتقى وشرحه ، وهذا على تخريج الرازي .

وحاصله أن التحالف فيما إذا خالف قولهما ، أما إذا وافق قول أحدهما فالقول له وهو المذكور في الجامع الصغير وعلى تخريج الكرخي يتحالفان في الصور الثلاث ثم يحكم مهر المثل وصححه في المبسوط والمحيط ، وبه جزم في الكنز في باب التحالف . قال في البحر : ولم أر من رجح الأول . [ ص: 149 ] وتعقبه في النهر بأن تقديم الزيلعي وغيره له تبعا للهداية يؤذن بترجيحه وصححه في النهاية . وقال قاضي خان : إنه الأولى ، ولم يذكر في شرح الجامع الصغير وغيره والأولى البداءة بتحليف الزوج ، وقيل يقرع بينهما ا هـ . قلت : بقي ما إذا لم يعلم مهر المثل كيف يفعل ؟ والظاهر أنه يكون القول للزوج لأنه منكر للزيادة كما تقدم فيما إذا لم يوجد من يماثلها تأمل ( قوله وبينته مقدمة إلخ ) هذا ما قاله بعض المشايخ وجزم به في الملتقى ، وكذا الزيلعي هنا وفي باب التحالف .

وقال بعضهم : تقدم بينتها أيضا لأنها أظهرت شيئا لم يكن بتصادقهما كما في البحر ( وقوله لإثبات خلاف الظاهر ) أي والظاهر مع من شهد له مهر المثل ط ( قوله وإن كان إلخ ) هذا بيان لثالث الأقسام في قوله فالقول لمن شهد له مهر المثل ، وقوله وإن أقاما البينة إلخ فإنه إذا لم يقيما البينة أو أقاماها قد يشهد مهر المثل له أو لها أو يكون بينهما فقدم بيان القسمين الأولين في المسألتين ، وهذا بيان الثالث ، وقوله فإن حلفا راجع إلى المسألة الأولى وقوله أو برهنا راجع إلى الثانية ، لكن كان عليه حذف قوله تحالفا لأنه إذا برهنا لا تحالف ( قوله تحالفا ) فإن نكل الزوج يقضى بألف وخمسمائة ، كما لو أقر بذلك صريحا ، وإن نكلت المرأة وجب المسمى ألف لأنها أقرت بالحط ، وكذا في العناية . واعترضه في السعدية بأنه إذا نكل يقضى بألفين على ما عرف أن أيهما نكل لزمه دعوى الآخر . ا هـ . وصورة المسألة فيما إذا ادعت الألفين وادعى هو الألف وكان مهر المثل ألفا وخمسمائة ( قوله قضي به ) أي بمهر المثل ، لكن إذا برهنا يتخير الزوج في مهر المثل بين دفع الدراهم والدنانير ، بخلاف التحالف لأن بينة كل واحد منهما تنفي تسمية الآخر فخلا العقد عن التسمية فيجب مهر المثل ، ولا كذلك التحالف لأن وجوب قدر ما يقر به الزوج بحكم الاتفاق والزائد بحكم مهر المثل بحر ، وتمامه فيه ( قوله وإن برهن أحدهما إلخ ) أي فيما إذا كان مهر المثل بينهما ، ويغني عن هذا قوله قبله وأي أقام بينة قبلت شهد له مهر المثل أو لا ، فإن قوله أولا صادق بما إذا شهد أو كان بينهما ( قوله لأنه نور دعواه ) أي لأن المبرهن أظهر دعواه وأوضحها بإقامة برهانه ط




الخدمات العلمية