الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان حالهم مبنيا على الخداع بإظهار الخير وإبطان الشر وكانوا يرون إفسادهم لما لهم من عكس الإدراك إصلاحا فكانوا يناظرون عليه [ ص: 111 ] بأنواع الشبه ؛ كان قولهم ربما غر من سمعه من المؤمنين ؛ لأن المؤمن غر كريم والكافر خب لئيم ، فقال تعالى محذرا من حالهم مثبتا لهم ما نفوه عن أنفسهم من الفساد وقاصرا له عليهم ألا إنهم هم أي خاصة المفسدون أي الكاملو الإفساد البالغون من العراقة فيه ما يجعل إفساد غيرهم بالنسبة إلى إفسادهم عدما لما في ذلك من خراب ذات البين وأخذ المؤمن من المأمن . وقال الحرالي : ولما كان حال الطمأنينة بالإيمان إصلاحا وجب أن يكون اضطرابهم فيه إفسادا لا سيما مع ظنهم أن كونهم مع هؤلاء تارة ومع هؤلاء تارة من الحكمة والإصلاح وهو عين الإفساد لأنه بالحقيقة مخالفة هؤلاء وهؤلاء فقد أفسدوا طرفي الإيمان والكفر ، ولذلك قيل : ما يصلح المنافق ؛ لأنه لا حبيب مصاف ولا عدو مبائن ، فلا يعتقد منه على شيء ، انتهى .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان هذا الوصف موجبا لعظيم الرهبة ؛ أتبعه ما يخففه بقوله : ولكن لا يشعرون أي هم في غاية الجلافة حتى لا شعور لهم [ ص: 112 ] يحسنون به التصرف فيما يحاولونه من الفساد الآن بما دلت عليه ما في الآية السابقة الدالة على أن المضارع للحال ولا فيما يستقبل من الزمان لأن " لا " لا تقارنه إلا وهو بمعنى الاستقبال ، فلأجل ذلك لا يؤثر إفسادهم إلا في أذى أنفسهم ، فلا تخافوهم فإني كافيكموهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية