الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على من عارضه

                                                                              12 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح حدثني الحسن بن جابر عن المقدام بن معديكرب الكندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل ما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( يوشك الرجل ) هو مضارع أوشك قال ابن مالك هو أحد أفعال المقاربة ويقتضي اسما مرفوعا وخبرا يكون فعلا مضارعا مقرونا بأن ولا أعلم تجرده من أن إلا في هذا الحديث وفي بعض الأشعار

                                                                              قال السيوطي قلت : قد رواه الحاكم بلفظ يوشك أن يقعد الرجل على أريكته يحدث إلخ أراد السيوطي أن لفظ الحديث قد غيره الرواة وإلا فأن موجودة فيه في الأصل كما في رواية الحاكم متكئا على أريكته أي جالسا على سريره المزين والظاهر أنه حال من ضمير يحدث الراجع إلى الرجل وهو على بناء المفعول وجعله حالا من الرجل بعيد معنى وهذا بيان لبلادته وسوء فهمه أي حماقته وسوء أدبه كما هو دأب المتنعمين المغرورين بالمال والجاه

                                                                              وقال الخطابي أراد به أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا الحديث بالأسفار من أهله فيقول أي في رد ذلك الحديث حيث لا يوافق هواه أو مذهب إمامه الذي قلده قوله : ( استحللناه ) اتخذناه حلالا أي وهذا الحديث زائد على ما في القرآن فلا نأخذ به قوله : ( ألا وإن ما حرم إلخ ) ألا حرف تنبيه وإن ما حرم عطف على مقدر أي ألا إن ما في القرآن حق وإن ما حرم إلخ مثل ما حرم الله أي عطف في القرآن وإلا فما حرم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو عين ما حرم الله فإن التحريم يضاف إلى الرسول باعتبار التبليغ وإلا هو في الحقيقة لله والمراد أنه مثله في وجوب الطاعة ولزوم العمل به قال الخطابي يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما ليس له في القرآن ذكر على ما ذهب إليه الخوارج والروافض فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا التي قد ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا قال وفي الحديث دليل على أنه لا حاجة بالحديث أن يعرض على الكتاب وأنه مهما ثبت عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان حجة بنفسه

                                                                              قلت : كأنه أراد به العرض لقصد رد الحديث بمجرد [ ص: 10 ] أنه ذكر فيه ما ليس في الكتاب وإلا فالعرض لقصد الفهم والجمع والتثبت لازم ثم قال : وحديث إذا جاءكم حديث فاعرضوه على القرآن كتاب الله فإن وافقه فخذوه حديث باطل لا أصل له وروي عن يحيى بن معين أنه قال : هذا حديث وضعه الزنادقة .




                                                                              الخدمات العلمية