الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      محمد بن رافع ( خ ، م ، د ، س ، ت )

                                                                                      ابن أبي زيد ، واسمه سابور ، الإمام الحافظ الحجة القدوة ، بقية الأعلام أبو عبد الله القشيري مولاهم النيسابوري . ولد سنة نيف وسبعين ومائة في أيام مالك الإمام ، ورحل سنة نيف وتسعين . [ ص: 215 ] وسمع ما لا يوصف كثرة ، وجمع ، وصنف .

                                                                                      قال فيه الحاكم في " تاريخه " : شيخ عصره بخراسان في الصدق والرحلة .

                                                                                      سمع بالحجاز سفيان بن عيينة ، ومعن بن عيسى ، وابن أبي فديك ، وأبا بكر بن أبي أويس ، وطبقتهم بالحجاز . وعبد الله بن إدريس ، ووكيعا ، وابن نمير ، وأبا معاوية ، وأبا أسامة ، ويونس بن بكير ، والحسين الجعفي ، وعدة بالكوفة . وعبد الرزاق ، وأخاه عبد الوهاب ، ويزيد بن أبي حكيم ، وعبد الله الوليد ، وإسماعيل بن عبد الكريم باليمن ، وأبا داود ، ووهب بن جرير ، وأبا قتيبة ، وأبا علي الحنفي ، وحماد بن مسعدة وعدة بالبصرة .

                                                                                      ومن يزيد بن هارون وطبقته بواسط . ومن شبابة بالمدائن . ومن أبي النضر وعدة ببغداد . ومن النضر بن شميل ، ومكي بن إبراهيم وطبقتهما بخراسان . وعني بالسنن علما وعملا وعمر ، وارتحل الناس إليه .

                                                                                      حدث عنه : البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، والترمذي في تصانيفهم ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، وأحمد بن سلمة ، وأبو زرعة ، وإبراهيم بن أبي طالب ، وأبو بكر بن خزيمة ، وأبو بكر بن أبي داود ، ومحمد بن عقيل البلخي ، وجعفر بن أحمد بن نصر ، ومحمد بن إسحاق الثقفي ، وزنجويه بن محمد ، وخلق ، آخرهم موتا حاجب بن أحمد الطوسي . ومن طريقه يقع حديثه عاليا في " الثقفيات " . [ ص: 216 ]

                                                                                      قال الحاكم : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، سمعت أبا عمرو المستملي ، سمعت محمد بن رافع يقول : كنت مع أحمد بن حنبل وإسحاق عند عبد الرزاق ، فجاءنا يوم الفطر ، فخرجنا مع عبد الرزاق إلى المصلى ، ومعنا ناس كثير فلما رجعنا من المصلى ، دعانا عبد الرزاق إلى الغداء ، فجعلنا نتغدى معه ، فقال لأحمد وإسحاق : رأيت اليوم منكما شيئا عجبا ، لم تكبرا ! ! قالا : يا أبا بكر ، نحن ننظر إليك هل تكبر فنكبر . فلما رأيناك لم تكبر أمسكنا . قال : وأنا كنت أنظر إليكما ، هل تكبران فأكبر .

                                                                                      قال جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ : ما رأيت من المحدثين أهيب من محمد بن رافع ، كان يستند إلى الشجرة الصنوبر في داره ، فيجلس العلماء بين يديه على مراتبهم ، وأولاد الطاهرية ومعهم الخدم ، كأن على رؤوسهم الطير . فيأخذ الكتاب ، ويقرأ بنفسه ، ولا ينطق أحد ، ولا يتبسم إجلالا له . وإذا تبسم واحد أو راطن صاحبه ، قال : وصلى الله على محمد ، ويأخذ الكتاب ، فلا يقدر أحد يراجعه أو يشير بيده . ولقد تبسم خادم من خدم الطاهرية يوما ، فقطع ابن رافع مجلسه ، فانتهى الخبر بذلك [ إلى طاهر بن عبد الله ] فأمر بقتل الخادم ، حتى احتلنا لخلاصه .

                                                                                      قال زكريا بن دلويه : بعث طاهر بن عبد الله إلى ابن رافع بخمسة [ ص: 217 ] آلاف درهم مع رسول ، فدخل عليه بعد العصر ، وهو يأكل الخبز مع الفجل . فوضع الكيس ، فقال : بعث الأمير إليك بهذا المال . فقال : خذ خذ لا أحتاج إليه ، فإن الشمس قد بلغت رأس الحيطان إنما تغرب بعد ساعة ، وقد جاوزت الثمانين إلى متى أعيش؟ فرد . قال : فدخل ابنه ، وقال : يا أبة ، ليس لنا الليلة خبز . قال : فبعث ببعض أصحابه خلف الرسول ليرد المال إلى طاهر فزعا من ابنه أن يذهب خلفه ، فيأخذ المال .

                                                                                      قال زكريا : ربما كان يخرج إلينا محمد بن رافع في الشتاء وقد لبس لحافه .

                                                                                      أحمد بن سلمة : حدثنا محمد بن رافع : رأيت أحمد بن حنبل بين يدي يزيد بن هارون ببغداد ، وفي يده كتاب لزهير عن جابر ، وهو يكتبه . فقلت : يا أبا عبد الله ، تنهونا عن جابر وتكتبونه ؟ قال : نعرفه .

                                                                                      الحاكم : أخبرنا محمد بن أحمد بن عمر ، سمعت أحمد بن سلمة ، سمعت محمد بن رافع يقول : أنا أفدت أحمد بن حنبل ، عن يزيد بن مسلم الصنعاني الراوي عن وهب . ونزلت أنا وأحمد ، ومات الشيخ . وكان قد أتى له مائة وخمس وثلاثون سنة .

                                                                                      قال أحمد بن عمر بن يزيد : حدثنا محمد بن رافع ، سمعت عبد الرزاق ، سمعت معمرا يقول : رأيت باليمن عنقود عنب وقر بغل تام . [ ص: 218 ]

                                                                                      قال مسلم والنسائي : ابن رافع ثقة مأمون .

                                                                                      قال زنجويه بن محمد : مات محمد بن رافع في ذي الحجة ، سنة خمس وأربعين ومائتين . وغسله أحمد بن نصر العابد ، وصلى عليه محمد بن يحيى .

                                                                                      الحاكم : أخبرنا أحمد بن بالويه العفصي ، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم ، سمعت أبا بكر المدني -يعني : محمد بن نعيم- يقول : رأيت محمد بن رافع في المنام بعد موته بثلاث في حجره مصحف يقرأ ، فقلت له : أليس قد مت ؟ فنظر إلي نظرة منكرة . فقلت : سألتك بالله إلا ما حدثتني ، ما فعل بك ربك ؟ قال : بشرني بالروح والراحة .

                                                                                      أخبرنا أبو الحسين الحافظ ، أخبرنا جعفر بن علي ، وعلي بن هبة الله ، وأحمد بن محمد ، وعبد الله بن رواحة ، قالوا : أخبرنا أبو طاهر السلفي ، أخبرنا أبو القاسم بن الفضل ، حدثنا ابن محمش ، أخبرنا حاجب بن أحمد ، حدثنا محمد بن رافع ، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ، حدثني أبي ، عن عكرمة أن أبا هريرة حدثه : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر برجل يسوق بدنة وهو يمشي ، فسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : إنها بدنة . فأمره أن يركبها .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية