الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويسن ) ( خرص ) أي حزر ( الثمر ) بالمثلثة ( إذا بدا صلاحه على مالكه ) { ; لأنه عليه الصلاة والسلام كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر خارصا } وحكمته الرفق بالمالك والمستحق ، وشمل كلامه ثمار البصرة فهي كغيرها ، وإن استثناها الماوردي فقال : يحرم خرصها بالإجماع لكثرتها وكثرة المؤنة في خرصها ولإباحة أهلها الأكل منها للمجتاز ، وتبعه عليه الروياني قالا : وهذا في النخل ، أما الكرم فهو فيه كغيرهم .

                                                                                                                            قال السبكي : وعلى هذا فينبغي إذا عرف من شخص أو بلد ما عرف من أهل البصرة يجري عليه حكمهم ، ولهذا قال الأذرعي : لم أر هذا لغير الماوردي ، وقضية كلام شيخه الصيمري والأصحاب قاطبة عدم الفرق ، وخرج ببدو الصلاح ما قبله فلا يتأتى فيه إذ لا حق للمستحقين ولا ينضبط المقدار لكثرة العاهات قبل بدوه .

                                                                                                                            نعم إن بدا صلاح نوع دون آخر ففي جواز خرص الكل وجهان في البحر ، والأوجه على ما قاله الشيخ عدم الجواز ، لكن الأقيس على ما قاله ابن قاضي شهبة الجواز ، وخرج بالثمر الحب فلا خرص فيه لاستتار حبه ، ولأنه لا يؤكل غالبا رطبا بخلاف الثمرة ، وكيفية الخرص أن يطوف الخارص بكل شجرة ويقدر ثمرها أو ثمر كل النوع رطبا ثم يبسا ، ولا يقتصر على رؤية البعض وقياس الباقي لتفاوتهما ( والمشهور إدخال جميعه في الخرص ) أي جميع الثمر والعنب فيه ، ولا يترك للمالك شيئا وما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث ، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع } حمله الشافعي رضي الله عنه وتبعه الأئمة على تركهم له ذلك من الزكاة ليفرقه بنفسه على فقراء أقاربه وجيرانه لطمعهم في ذلك منه لا على ترك بعض الأشجار من غير خرص جمعا بينه وبين الأدلة الطالبة لإخراج زكاة التمر والزبيب ، إذ في قوله فخذوا ودعوا إشارة لذلك : أي إذا خرصتم الكل فخذوا بحساب الخرص ، واتركوا له شيئا مما خرص فجعل الترك بعد الخرص المقتضي بالإيجاب فيكون المتروك له قدرا يستحقه الفقراء ليفرقه هو ، والثاني أنه يترك [ ص: 81 ] للمالك ثمر نخلة أو نخلات يأكله أهله تمسكا بظاهر الخبر المذكور ( و ) المشهور ( أنه يكفي خارص ) واحد ; لأن الخرص نشأ عن اجتهاد فكان كالحاكم ، وما روي من أنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث مع ابن رواحة واحدا يجوز أن يكون معينا أو كاتبا ، ولو اختلف خارصان وقف الأمر إلى تبين المقدار منهما أو من غيرهما .

                                                                                                                            والثاني يشترط اثنان كالتقويم والشهادة وقطع بعضهم بالأول

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويسن خرص الثمر ) أي الذي تجب الزكاة فيه ا هـ محلي ( قوله : وشمل كلامه ثمار البصرة ) معتمد أي نخلا أو كرما ( قوله : وخرج ببدو الصلاح ما قبله ) ومنه البلح الذي اعتيد بيعه قبل تلونه ( قوله : نعم إن بدا صلاح نوع إلخ ) أو بدا صلاح حبة من نوع فهل يجوز خرصه وهل يجري فيه الوجهان ؟ ا هـ سم على بهجة .

                                                                                                                            أقول : القياس جواز الخرص أخذا مما قالوه فيما لو بدا صلاح حبة في بستان حيث يجوز بيع الكل بلا شرط قطع ( قوله : لكن الأقيس على ما قاله ابن قاضي شهبة الجواز ) معتمد مر ا هـ سم .

                                                                                                                            ويوجه بأن ما لم يبد صلاحه تابع في البيع لما بدا صلاحه إن اتحد بستان وجنس وحمل وعقد ، وإن اختلفت الأنواع ( قوله : الجواز ) أي في الجميع ( قوله : ولأنه لا يؤكل غالبا ) هذا دون ما قبله يشمل الشعير ا هـ سم على بهجة ، والحكم إذا كان معللا بعلتين يبقى ما بقيت إحداهما فلا يجوز خرصه ( قوله : أن يطوف الخارص ) أي وجوبا ( قوله : { فخذوا ودعوا الثلث } ) أي بأن [ ص: 81 ] تميزوه عن باقي الثمر وتضمنوه للمالك ( قوله : وأنه يكفي خارص واحد ) أي ولا يجوز : للحاكم بعثه إلا بعد ثبوت معرفته عنده ، ولا يكفي مجرد قوله ( قوله ولو اختلف خارصان إلخ ) بقي ما لو اختلف أكثر من اثنين وقياس ما في المياه أن يقدم الأكثر عددا



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 78 - 80 ] قوله : ولهذا قال الأذرعي لم أر هذا لغير الماوردي ) كأن موقع هذه العلة أن هذا مرتب على ما أفاده قوله وإن استثناها الماوردي من كونه ضعيفا بل شاذا ، أما الأول فلأن الغاية تفيد ذلك ، وأما الثاني فلنسبته للماوردي وحده ، فكأنه قال ما قاله الماوردي ضعيف شاذ ولهذا قال الأذرعي إلخ ( قوله : إذ لا حق للمستحقين ) أي فيجوز له أكل جميعه ( قوله : الطالبة لإخراج زكاة التمر والزبيب ) أي المقتضية أو المصرحة بعموم الخرص للجميع




                                                                                                                            الخدمات العلمية