الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2116 - مسألة : روينا من طريق ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في رجل طلب دابة فنادى رجلا : احبسها علي ، فصدمته فقتلته ، أو رماها فقتلها ؟ فقال ابن شهاب : كلاهما يغرم .

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى ابن وهب أخبرني الليث بن سعد وابن لهيعة : أن هشاما كتب في رجل ضم جارية إليه من دابة فضربتها في حجره : أن على الرجل ديتها - قال ابن لهيعة : والرجل مولى لنا ؟ كتب توبة بن نمر - قاضي أهل مصر - إلى هشام في ذلك ؟ فكتب بهذا ، فجعل الدية علينا

                                                                                                                                                                                          قال ابن وهب : وأخبرني الليث بن سعد : أن هشاما كتب في رجل حمل صبيا فخر في مهواة ، فمات الصبي : أن ضمانه على الحامل ، قال الليث : وعلى هذه الفتيا الناس - قال ابن وهب : وبلغني عن ربيعة أنه قال مثل ذلك قال : فإن هلكا جميعا فلا عقل لهما .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 210 ] قال أبو محمد : لا حجة في قول مخلوق دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          فأما الذي قال للرجل : احبس لي الدابة فصدمته فقتلته : فلا ضمان على الذي أمره بحبسها ، لأنه لم يتعد عليه ، ولا باشر فيه إتلافه . فلو أن المأمور بحبس الدابة رماها فقتلها ، أو جنى عليها فهو ضامن على كل حال ، لأنه فعل من إتلافها ، ومن الجناية عليها ما لم يبح الله تعالى له فعله ، فهو متلف بغير حق وجان بغير حق ، ومباشر لذلك ، قال الله تعالى { وجزاء سيئة سيئة مثلها } ، وكذلك - لو أمره بقتلها ، أو الجناية عليها ففعل لضمن ، لأنه أمره بما لا يحل ، وبما ليس له أن يأمره به ، فهو متعد بالأمر ، والمأمور أيضا متعد بالائتمار ، فهو ضامن لمباشرته الجناية .

                                                                                                                                                                                          وأما من ضم صبية من دابة فرمحتها الدابة فقتلتها : فلا ضمان عليه ، لأنه لم يباشر إتلافها ، و " جرح العجماء جبار " .

                                                                                                                                                                                          وأما الذي حمل صبيا فسقط في مهواة فمات الصبي ، فإن كان موته من وقوع حامله عليه فهو ضامن ، والضمان على العاقلة ، وعليه الكفارة ، لأنه قاتل خطأ - وإن كان مات من الوقعة لا من وقوع حامله عليه ، فلا ضمان في ذلك .

                                                                                                                                                                                          فلو مات الحامل حين وقوعه على الصبي ، أو قبل وقوعه عليه : فلا ضمان على عاقلته ، لأنه لا جناية على ميت - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية