الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 156 ] سورة مريم عليها السلام

                                                                                                                                                                                                                                      مقصودها بيان اتصافه سبحانه بشمول الرحمة بإفاضة النعم على جميع خلقه، المستلزم للدلالة على اتصافه لجميع صفات الكمال، المستلزم لشمول القدرة على إبداع المستغرب، المستلزم [لتمام القدرة -] الموجب للقدرة على البعث والتنزه عن الولد [لأنه لا يكون إلا لمحتاج، ولا يكون إلا مثل الوالد -]، ولا سمي له سبحانه فضلا عن مثيل، وعلى هذا دلت تسميتها بمريم، لأن قصتها أدل ما فيها على تمام القدرة وشمول العلم، لأن أغرب ما في المخلوقات وأجمعه خلقا الآدمي، وأعجب أقسام توليده [الأربعة - ] - بعد كونه آدميا - ما كان من أنثى بلا توسط ذكر، لأن أضعف الأقسام، وأغرب ذلك أن يتولد منها على ضعفها أقوى النوع وهو الذكر، ولا سيما إن أوتي قوة الكلام والعلم والكتاب في حال الطفولية، وأن يخبر بسلامته الكاملة فيكون الأمر كذلك، لم يقدر أحد - مع كثرة الأعداء - على أن يمسه بشيء من أذى، هذا إلى ما جمعته من [ ص: 157 ] إخراج الرطب في غير حينه من يابس الحطب، ومن إنباع الماء في غير موضعه، وعلى مثل ذلك أيضا دلت تسميتها بما في أولها من الحروف، بيان ذلك أن مخرج الكاف من أقصى اللسان مما يلي الحلق ويحاذيه من أسفل الحنك، وهي أدنى من مخرج القاف قليلا إلى مقدم الفم ، ولها من الصفات الهمس والشدة والانفتاح والاستفال والخفاء، ومخرج الهاء من أقصى الحلق لكنها أدنى من الهمزة إلى جهة اللسان قليلا، ولها من الصفات [الهمس والرخاوة والانفتاح والاستفال والخفاء ومخرج الياء من وسط اللسان والحنك الأعلى، ولها من الصفات الجهر والرخاوة والانفتاح والاستفال، وهو أغلب صفاتها، ومخرج العين من وسط الحلق، ولها من الصفات -] الجهر وبين الشدة والرخاوة والانفتاح والاستفال، ومخرج الصاد من طرف اللسان وبين أصول الثنيتين السفليين، وله من الصفات الهمس والرخاوة والإطباق والاستعلاء والصفير، فالافتتاح بهذه الأحرف هنا إشارة - والله أعلم - إلى أن أهل الله عامة - من ذكر منهم في هذه السورة وغيرهم – يكون أمرهم عند المخالفين أولا - كما تشير إليه الكاف - ضعيفا مع شدة انفتاح كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم أول ما دعا، فإنه اشتهر أمره ولكنه كان ضعيفا بإنكار قومه إلا أنهم لم يبالغوا في الإنكار، ثم يصير الأمر في أوائل العراك - كما تشير إليه الهاء - إلى استفال، [ ص: 158 ] ثم يزداد بتمالؤ المستكبرين عليهم ضعفا وخفاء، وإلى هذا تشير قراءتها بالإمالة، ولا بد مع ذلك من نوع ظهور - كما يشير إليه انفتاح الهاء وإليه تشير قراءة الفتح، وهذا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم حين صرح بسب آلهتهم وتسفيه أحلامهم وتضليل آبائهم فقاموا عليه إلبا واحدا، فهاجر أكثر الصحابة رضي الله عنهم إلى الحبشة، وخاف أبو طالب دهماء العرب فقال قصيدته اللامية في ذلك، وتمادى الحال حتى ألجأتهم قريش إلى الشعب، وتكون في وسط أمرهم - كما تشير إليه الياء وقراءتها بالفتح، لهم قوة مع رخاوة واشتهار واستفال، وهو الأغلب عليهم ظاهرا كما تشير إليه قراءة الإمالة، فيكون ذلهم من وراء عز وعزهم في ثوب ذل، يعرف ذلك من عاناه، ونظر إليه بعين الحقيقة واجتلاه، وهذا كما كان عند قيام من قام من قريش في نقض الصحيفة الظالمة وإخراجهم من الشعب، ثم عند موت خديجة رضي الله عنها وأبي طالب، وخرج صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فردوه - بأبي هو وأمي ونفسي وولدي وعيني، فلما قرب من مكة المشرفة لم يستطع دخولها بغير جوار، فاختفى في غار حراء وأرسل [إلى -] من يجيره، ثم أرسل حتى أجاره المطعم بن عدي ، ولبس السلاح هو ومن أطاعه وأدخله صلى الله عليه وسلم حتى طاف بالبيت، ثم قضى سبحانه أن قتل المطعم في بدر كافرا - بعد اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم [في سلامته -] والإيصاء به أن لا يقتل - ليعلم أنه سبحانه [ ص: 159 ] مختار في عموم رحمته وخصوصها، لئلا ييأس عاص أو يأمن طائع، ثم إذا علا أمرهم عن الوسط صاعدا قوي - كما تشير إليه العين، فصار بين الشدة والرخاوة، وفيه انفتاح بشهرة مع استفال في بعض الأمر كما كان حاله صلى الله عليه وسلم عند مبايعة الأنصار رضوان الله عليهم، وأما آخر أمرهم فهو وإن كان فيه نوع من الضعف، وضرب من الرخاوة واللين كما كان في غزوة حنين والطائف، فإنه تعقبه قوة عظيمة بالإطباق، واستعلاء واشتهار يملأ الآفاق، كما يشير إليه الصفير - هذا في أهل الله عامة المذكورين في هذه السورة وغيرهم، وأما ما يخص عيسى عليه الصلاة والسلام الذي هو صورة سورتها ومطمح إشارتها [وسيرتها -] فجعل الحروف اللسانية من هذه الحروف أغلبها ثلاثة أحرف منها إشارة إلى أن إبراهيم عليه السلام بما أعطي في نفسه وفي ذريته ولسان الصدق المذكور به هو لسان هذا الوجود، وأن دولة آله الذين .[عيسى عليه السلام من أعيانهم هي وسط هذا الوجود حقيقة وخيارا -]، فموسى عليه السلام أو أصحاب شرائعهم بمنزلة القاف التي هي من أقصى اللسان وله حظ كبير منها، فإنه من أجله قتل أبناء بني إسرائيل وولد في سنة القتل، وكان سبب هجرته وابتداء سيره إلى الله تعالى قتله القبطي، وقرب نجيا، ومن [ ص: 160 ] صفاتها الجهر والشدة والانفتاح، والاستعلاء والقلقلة، وهو عريق في كل من خيرات ذلك، وداود عليه السلام ثاني ذوي كتبهم بمنزلة الهمزة التي هي أبعد من مخرج الهاء إحدى هذه الحروف، وهو أول من جمع من بني إسرائيل بين الملك والنبوة، وله حظ من صفاتها: الجهر والشدة والانفتاح، بما كان فيه من الملك والظهور، والنصر على الأعداء وعجائب المقدور، وله حظ من وصفها بالاستفال في أول أمره وفي آخره بما كان من بكائه وتواضعه وإخباته لربه وصلاحه، فالكاف هنا إشارة إلى أن عيسى عليه الصلاة والسلام هو ثاني الشارعين في الوجود، والهاء عبارة عن أنه من عقب داود عليه السلام، وكل منهما له حظ من صفات الحرف المشير إليه الدال عليه، والصاد التي هي من طرف اللسان وهي خاتمة هذه الحروف إشارة بما فيها من الإطباق المشير [إلى تطبيق الرسالة لجميع الوجوه، ومن الاستعلاء المشير -] إلى نهاية العظمة، والصفير المشير إلى غاية الانتشار والشهرة إلى محمد صلى الله عليه وسلم وإلى مقرر دينه ومجدده عيسى عليه السلام، [وتشير الكاف أيضا بما فيها من الصفات إلى أن أول أمر عيسى عليه السلام -] يكون فيه مع الشدة ضعف، ثم تشير أيضا الهاء - التي هي من أقصى الحلق - إلى أن أمره يبطن بعد ذلك الظهور ويخفى بارتفاعه إلى السماء، ويدل الاستفال على أنها قريبة إلى السفلى، وهو [ ص: 161 ] كذلك فإنه في الثانية بدلالة رتبة الكاف والهاء في مخرجيهما، وتشير الياء بجهرها إلى ظهوره بنزوله، وتدل بكونها من وسط اللسان على تمكنه في أموره، وباعتلائها على شيء في ذلك وهو ضعف الأتباع وحصرهم في ذلك الوقت، وتدل بانفتاحها ورخاوتها على ظهوره على الدجال في أولئك القوم الذين قد جهدهم البلاء عند نزوله، ومسهم الضر قبل حلوله، وتليح غلبة الاستفال عليها إلى أمر يأجوج ومأجوج لما يوحيه الله إليه "إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بهم، فحرز عبادي إلى الطور " وتدل العين بكونها من وسط الحلق على انحصارهم، وبجهرها على أنه لا سبيل للعدو عليهم ولا وصول بوجه إليهم، وبما فيها من البينية والاستفال على جهدهم مع حسن العاقبة، وتبشر - بما فيها من الانفتاح - بحصول الفتح الذي ليس وراءه فتح، وتدل الصاد بمخرجها على القوة الزائدة، وبالهمس والرخاوة على أنها قوة لا بطش فيها، وبالإطباق والاستعلاء على عموم الدين جميع الناس، وبالصفير على أنه ليس وراء ذلك إلا النفخ في الصور لعموم الهلاك لكل موجود مفطور، ثم لبعثرة القبور، وتحصيل ما في الصدور، وكل هذا من ترتيب سنته سبحانه في المصطفين من عباده على [ ص: 162 ] هذا النحو البديع، وترتيب هذه الحروف على هذا النظم الدال عليه دائر على القدرة التامة والعلم الشامل والحكمة الباهرة، رحمهم سبحانه بأن نكبهم طريق الجبارين التي أوصلتهم إلى القسوة، وجنبهم سنن المستكبرين التي تلجئ ولا بد إلى الشقوة، فجعل نصرهم في لوامع انكسار، وكسرهم في جوامع انتصار، وحماهم من فخامة دائمة تجر إلى بذخ وعلو واستكبار، ومن رقة ثابتة تحمل على ذل وسفول وصغار، فلقد انطبق الاسمان على المسمى، واتضحا غاية الاتضاح في أمره ونما، وهذا معنى ما قال الكلبي : هو ثناء أثنى الله به على نفسه. بسم الله المنزه عن كل شائبة نقص، القادر على كل ما يريد "الرحمن" الذي عم نواله سائر مخلوقاته "الرحيم" الذي اختص الصالحين من عباده، بما يسعد من مراده.

                                                                                                                                                                                                                                      لما كان مقصود التي قبلها الدلالة على أن القرآن قيم لا عوج فيه، وبه تمام الانتظام في نعمة الإبقاء الأول، ودل على ذلك بأنه ساق المسؤول عنه من القصص أحسن سوق، وكشف عن مخبأته القناع أبدع كشف - إلى غير ذلك مما خلله به من بدائع الحكم وغرائب [ ص: 163 ] المعاني فاضحة لمن ادعى لله سبحانه ولدا، وختمها بمثل ذلك من وصف الكتاب والتوحيد - النافي لقبول التعدد بولد أو غيره بكل اعتبار - والعمل الصالح، ابتدأ هذه بالكشف عن أغرب من تلك القصص، تحقيقا لآيةأم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا بسياق غير ما تقدم فيما مضى من السور، وجزئيات لم تذكر إلا فيها مع عدم المخالفة لما مضى، تأييدا لأن كلماته لا تنفد، وعجائبه لا تعد ولا تحد، وأنه لو كان من عند غيره لاختلف، مع أن أهلها سادة الموحدين، وقادة المصلحين المتقين الذين عملوا الصالحات، ونفوا الشرك وشرعوا ذلك للناس، فرحمهم ربهم سبحانه، وكلهم ممن يعتقده اليهود الآمرون لقريش بالسؤال عن أصحاب الكهف وذي القرنين تعنتا، أما من عدا عيسى عليه الصلاة والسلام فواضح، وأما عيسى عليه السلام فيعتقدون أنه ما أتى بعد وأنه سيأتي، ويكون الناس في أيامه على دين واحد تصديقا لوعد التوراة الآتي بيانه، وذلك على وجه مستلزم في أكثرها تنزهه تعالى عن الولد، وقدرته على البعث، وبدأها بقصة من خرق له العادة في الولد على وجه مبين أنه لا يحتاجه إلا فان حسا أو معنى يريد أن يخلفه فيما تعسر عليه فعله أو تعذر، وكان تقديم قصته أولى لأن التبكيت به أعظم لمباشرتهم لقتله وقتل ابنه يحيى عليهما الصلاة والسلام، وإشارة إلى أن العمل الصالح المؤسس على التوحيد ضامن لإجابة الدعاء وإن كان فيه خرق العادة، وثنى بأمر من نسبوه إليه وافتروه عليه وقصدوا قتله على [ ص: 164 ] وجه معرب عن شأنه غاية الإعراب، مبين فيه وجه الصواب، متمما لتبكيت اليهود الآمرين لقريش بالتعنت بالسؤال بالإشارة إلى قتل زكريا ويحيى عليهما الصلاة والسلام وادعاء صلب المسيح الذي بشرت به التوراة، وهم الآن ينتظرونه ويدعون أنهم أخص الناس به، وقذف أمه - وحاشاها - دالا بذلك على القدرة على البعث، قال في التوراة في آخر السفر الأول: إن يعقوب عليه الصلاة والسلام أخبر بقرب وفاته وقال لبنيه: اجتمعوا إلي فأبين لكم ما هو كائن من أمركم في آخر الأيام، اجتمعوا واسمعوا يا بني يعقوب! أنصتوا لإسرائيل أبيكم ثم قال: يا يهوذا لك يعترف إخوتك بتعالي يدك على رقاب أعدائك، وليسجد لك بنو أبيك، شبل الليث يهوذا، كما أنه خلص ابني من القتل ربض وجثم مثل الضرغام ومثل شبل الليث ، من ذا يقيمه عن فريسته، لا يزول القضيب من آل يهوذا، لا يعدم سبط يهوذا ملكا مسلطا وأفخاذه نبيا مرسلا حتى يأتي الذي له الملك - وفي نسخة: الكل - وإياه تنتظر الشعوب، يربط بالحبلة جحشه عيناه أشد شهولة من الخمر، وأسنانه أشد بياضا من اللبن - هذا نصه، وعند اليهود أنه المسيح، ويسمونه مع ذلك المنتظر والمهدي، وعندهم أنه ينصرهم ويخلصهم [ ص: 165 ] مما هم فيه من الذل، فقلت لبعضهم: أشهد أنه المسيح ابن مريم الذي أتى وتبعه النصارى وعاديتموه حتى رفعه الله تعالى، [فقال -] الذي في التوراة أنه يكون له الكل، وعيسى ما كان كذلك، فقلت: إنه يكون له الكل حين ينزل تابعا لديننا من حيث إنه لا يقبل إلا الإسلام، فيطبق أهل الأرض على اتباعه عليه، ويسعد به منكم من يتبعه، ويزول عنه الذل، هذا لا ينافي كلام التوراة فإنه لم يقيد ذلك بساعة إتيانه. فلم يقبل ذلك، ثم إنه أتى إلي يوما بكتاب من كتبهم في شرح سفر الأنبياء فقال في الكلام على البشائر المتعلقة بالمسيح "ولا يبعد أن يبدو لإسرائيل ثم يختفي ثم يظهر فيكون له الكل" فقلت له: انظر وتبصر ! هذا عين ما ذكرته لك من قبل. فبهت لذلك فقلت: أطعني وأسلم ! ففكر ثم قال: حتى يريد الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير في برهانه: لما قال تعالى أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ثم أورد خبرهم وخبر الرجلين وموسى والخضر عليهما السلام وقصة ذي القرنين، أتبع سبحانه ذلك بقصص تضمنت من العجائب [ما هو أشد عجبا ] وأخفى سببا، فافتتح سورة مريم بيحيى بن زكريا وبشارة زكريا به بعد الشيخوخة وقطع الرجاء وعقر الزوج حتى سأل زكريا مستفهما ومتعجبا أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا [ ص: 166 ] فأجابه تعالى بأن ذلك عليه هين، وأنه يجعل ذلك آية للناس، وأمر هذا أعجب من القصص المتقدمة، فكأن قد قيل: أم حسبت يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا، نحن نخبرك [بخبرهم ونخبرك -] بما هو أعجب وأغرب وأوضح آية، وهو قصة زكريا في ابنه يحيى عليهما الصلاة والسلام، وقصة عيسى في كينونته بغير أب، ليعلم أن الأسباب في الحقيقة لا يتوقف عليها شيء من مسبباتها إلا بحسب سنة الله، وإنما الفعل له سبحانه لا بسبب، وإلى هذا أشار قوله تعالى لزكريا عليه السلام وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا ثم أتبع سبحانه بشارة زكريا بيحيى بإيتائه الحكم صبيا، ثم بذكر مريم وابنها عليهما الصلاة والسلام، وتعلقت الآي بعد إلى انقضاء السورة انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية